نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَا تَجۡعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ مُّبِينٞ} (51)

ولما ثبت أنه لا ملجأ إلا إلى الله الواحد المنزه عن الزوج ، وذلك هو الله الذي له الكمال كله ، وكان ربما وقع في وهم{[61442]} أن في-{[61443]} الوجود من غير الزوجين المعروفين من نفزع إليه كما نفزع إلى وزير الملك وبوابه ونحو ذلك مما يوصل إليه ، قال محذراً من سطواته{[61444]} : { ولا تجعلوا } أي بأهوائكم { مع الله } وكرر الاسم الأعظم ولم يضمر تعييناً للمراد لأنه لم يشاركه في التسمية به أحد وتنبيهاً على ما له من صفات الكمال وتعميماً لوجوه المقاصد لئلا يظن ، وقيل " معه " إن المراد النهي عن الجعل{[61445]} من جهة الفرار لا من جهة غيرها { إلهاً } .

ولما كان المراد كمال البيان ، منع-{[61446]} مجاز التجريد منع تعنت من يطعن بتكثر الأسماء كما أشار إليه بقوله { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن } الآية بقوله : { آخر } ثم علل النهي مع التأكيد لطعنهم في نذارته فقال : { إني لكم منه } أي لا من غيره فإن غيره لا يقدر على شيء { نذير } أي محذر من الهلاك الأبدي بالعقوبة التي لا خلاص منها إن فعلتم ذلك { مبين * } أي لا أقول شيئاً من واضح النقل إلا ودليله ظاهر{[61447]} من صريح العقل .


[61442]:من مد، وفي الأصل: فهم.
[61443]:زيد من مد.
[61444]:من مد، وفي الأصل: سهوانه.
[61445]:من مد، وفي الأصل: الجهل.
[61446]:زيد من مد.
[61447]:من مد، وفي الأصل: الظاهر.