وماذا يبقى بعد هذا البيان الواضح الشامل للحقائق الرئيسية في العقيدة ? وقد جهر بها الرجل في مواجهة فرعون وملئه بلا تردد ولا تلعثم ، بعدما كان يكتم إيمانه ، فأعلن عنه هذا الإعلان ? لا يبقى إلا أن يفوض أمره إلى الله ، وقد قال كلمة وأراح ضميره ، مهدداً إياهم بأنهم سيذكرون كلمته هذه في موقف لا تنفع فيه الذكرى . والأمر كله إلى الله :
( فستذكرون ما أقول لكم ، وأفوض أمري إلى الله ، إن الله بصير بالعباد ) . .
وينتهي الجدل والحوار . وقد سجل مؤمن آل فرعون كلمته الحق خالدة في ضمير الزمان .
قوله تعالى : " فستذكرون ما أقول لكم " تهديد ووعيد . و " ما " يجوز أن تكون بمعنى الذي أي الذي أقوله لكم . ويجوز أن تكون مصدرية أي فستذكرون قولي لكم إذا حل بكم العذاب . " وأفوض أمري إلى الله " أي أتوكل عليه وأسلم أمري إليه . وقيل : هذا يدل على أنهم أرادوا قتله . وقال مقاتل : هرب هذا المؤمن إلى الجبل فلم يقدروا عليه . وقد قيل : القائل موسى . والأظهر أنه مؤمن آل فرعون ، وهو قول ابن عباس .
قوله : { فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ } أي سوف تتذكرون يوم القيامة إذا عاينتم العذاب ، ما أقوله لكم اليوم من النصح والتبليغ ودعوتكم للإيمان ومجانبة الشرك والباطل { وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ } توعده المشركون الظالمون بالإيذاء والاعتداء فسلم أمره إلى الله بتمام التوكل عليه ، والركون إلى جنابه المنيع الذي لا يُغلب ولا يقهر .
قوله : { اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } الله سبحانه مطلع على أفعال العباد وأقوالهم وأسرارهم وما تخفيه صدروهم ؛ فهو سبحانه لا تخفى عليه الخوافي ولا تعزب عن علمه الغيوب والأسرار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.