اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَسَتَذۡكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِيٓ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (44)

ولما بالغ مؤمن آل فرعون في هذا البيان ختم كلامه بخاتِمَةٍ لطيفة فقال : { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمْ } وهذا كلام مبهم يوجب التخويف ، وهذا يحتمل أن يكون المراد منه أن هذا الذكر يحصل في الدنيا أي عند الموت ، وأن يكون في القيامة عند مشاهدة العذاب حين لا ينفعكم الذكر{[48264]} .

قوله : «وَأُفَوِّضُ » هذه مستأنفة . وجوز أبو البقاء أن تكون حالاً من فعال «أقولُ »{[48265]} .

وفَتَحَ نافعٌ وأبُوا عَمْروا الياء من : أمري ، والباقون بالإسكان{[48266]} .

فصل

لما خوفهم بقوله : { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمْ } توعدوه وخوفوه فعول في دفع تخويفهم وكيدهم ومكرهم على الله بقوله : { وَأُفَوِّضُ أمري إِلَى الله } وهو إنما تعلم هذه الطريقة من موسى عليه الصلاة والسلام حين خوّفه فرعون بالقتل فرجع موسى في دفع ذلك الشر إلى الله تعالى فقال : { إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحساب } [ غافر : 27 ] . ثم قال : { إِنَّ الله بَصِيرٌ بالعباد } . أي عالم بأحوالهم يعلم المحقَّ من المُبطل{[48267]} .


[48264]:السابق.
[48265]:التبيان 1120.
[48266]:قراءة نافع وأبي عمرو ولم أجدها في المتواتر من كتب القراءات، فهي من الأربع فوق العشر المتواترة فقد ذكرها صاحب الإتحاف 379 قال: "وفتح ياء "أمري إلى الله" نافع وأبو عمرو وأبو جعفر" كما ذكرها الإمام الرازي في تفسيره 275/71.
[48267]:السابق.