ولما بالغ مؤمن آل فرعون في هذه البيانات ختم كلامه بخاتمة لطيفة فقال : { فستذكرون ما أقول لكم } وهذا كلام مبهم يوجب التخويف ويحتمل أن يكون المراد أن هذا الذكر يحصل في الدنيا وهو وقت الموت ، وأن يكون في القيامة وقت مشاهدة الأهوال وبالجملة فهو تحذير شديد ، ثم قال : { وأفوض أمري إلى الله } وهذا كلام من هدد بأمر يخافه فكأنهم خوفوه بالقتل وهو أيضا خوفهم بقوله { فستذكرون ما أقول لكم } ثم عول في دفع تخويفهم وكيدهم ومكرهم على فضل الله تعالى فقال : { وأفوض أمري إلى الله } وهو إنما تعلم هذه الطريقة من موسى عليه السلام ، فإن فرعون لما خوفه بالقتل رجع موسى في دفع ذلك الشر إلى الله حيث قال : { إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب } فتح نافع وأبو عمرو الياء من { أمري } والباقون بالإسكان .
ثم قال : { إن الله بصير بالعباد } أي عالم بأحوالهم وبمقادير حاجاتهم ، وتمسك أصحابنا بقوله تعالى : { وأفوض أمري إلى الله } على أن الكل من الله ، وقالوا إن المعتزلة الذين قالوا إن الخير والشر يحصل بقدرتهم قد فوضوا أمر أنفسهم إليهم وما فوضوها إلى الله ، والمعتزلة تمسكوا بهذه الآية فقالوا إن قوله { أفوض } اعتراف بكونه فاعلا مستقلا بالفعل ، والمباحث المذكورة في قوله { أعوذ بالله } عائدة بتمامها في هذا الموضع . وهاهنا آخر كلام مؤمن آل فرعون ، والله الهادي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.