البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَسَتَذۡكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِيٓ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (44)

وختم المؤمن كلامه بخاتمة لطيفة توجب التخويف والتهديد وهي قوله : { فستذكرون ما أقول لكم } : أي إذا حل بكم عقاب الله .

{ وأفوّض أمري } إلى قضاء الله وقدره ، لا إليكم ولا إلى أصنامكم ، وكانوا قد توعدوه .

ثم ذكر ما يوجب التفويض ، وهو كونه تعالى بصيراً بأحوال العباد وبمقادير حاجاتهم .

قال مقاتل : لما قال هذه الكلمات ، قصدوا قتله ؛ فهرب هذا المؤمن إلى الجبل ، فلم يقدروا عليه .

وقيل : لما أظهر إيمانه ، بعث فرعون في طلبه ألف رجل ؛ فمنهم من أدركه ، فذب السباع عنه وأكلتهم السباع ، ومنهم من مات في الجبال عطشاً ، ومنهم من رجع إلى فرعون خائباً ، فاتهمه وقتله وصلبه .

وقيل : نجا مع موسى في البحر ، وفر في جملة من فر معه .