وفي سبيل حماية الجماعة المسلمة الأولى كان الأمر لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بمجاهدة أعدائها : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين ، واغلظ عليهم ، ومأواهم جهنم وبئس المصير ) . .
وهي لفتة لها معناها وقيمتها بعدما تقدم من أمر المؤمنين بوقاية أنفسهم وأهليهم من النار . وبالتوبة النصوح التي تكفر عنهم السيئات وتدخلهم الجنة تجري من تحتها الأنهار . .
لها معناها وقيمتها في ضرورة حماية المحضن الذي تتم فيه الوقاية من النار . فلا تترك هذه العناصر المفسدة
الجائرة الظالمة ، تهاجم المعسكر الإسلامي من خارجه كما كان الكفار يصنعون . أو تهاجمه من داخله كما كان المنافقون يفعلون .
وتجمع الآية بين الكفار والمنافقين في الأمر بجهادهم والغلظة عليهم . لأن كلا من الفريقين يؤدي دورا مماثلا في تهديد المعسكر الإسلامي ، وتحطيمه أو تفتيته . فجهادهم هو الجهاد الواقي من النار . وجزاؤهم هو الغلظة عليهم من رسول الله والمؤمنين في الدنيا .
( ومأواهم جهنم وبئس المصير )في الآخرة !
وهكذا تتناسق هذه الجولة فيما بين آياتها واتجاهاتها ؛ كما تتناسق بجملتها مع الجولة الأولى في السياق . .
مأواهم جهنم : مكانهم يوم القيامة جهنم .
ثم بعد الأمرِ النَّصوحِ والرجوع إليه ، أمر رسولَه بالجهاد في سبيل الدعوة فقال :
{ يا أيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير } .
يا أيّها النبيّ : جاهِدِ الكفارَ الذين أعلنوا كفرهم والمنافقين الّذين أبطنوه ، بكلّ وسيلةٍ من قوةٍ وحجّة ، و اشتدَّ على الفريقين في جهادك ، إن منازلَهم يوم القيامة في جهنّم وبئس المسكنُ والمأوى .
قوله تعالى : " يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم " فيه مسألة واحدة : وهو التشديد في دين الله . فأمره أن يجاهد الكفار بالسيف والمواعظ الحسنة والدعاء إلى الله . والمنافقين بالغلظة وإقامة الحجة ؛ وأن يعرفهم أحوالهم في الآخرة ، وأنهم لا نور لهم يجوزون به الصراط مع المؤمنين . وقال الحسن : أي جاهدهم بإقامة الحدود عليهم ؛ فإنهم كانوا يرتكبون موجبات الحدود . وكانت الحدود تقام عليهم . " ومأواهم جهنم " يرجع إلى الصنفين . " وبئس المصير " أي المرجع .
قوله تعالى : { ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير 9 ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار ما الداخلين } .
يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجاهد الكفار بكل أوجه الجهاد المشروعة ، وأولها أن يدعوهم إلى الله وأن يفيئوا إلى دين الحق . وذلك بالحجة القاطعة والبرهان الساطع ، حتى إذا استبان أنهم معاندون متربصون موغلون في الجحود والعتو قاتلهم بالسلاح لكسر شوكتهم وفض جمعهم وكلمتهم ، وإزالة عدوانهم وطغيانهم . وأمره أيضا أن يجاهد المنافقين بالتحذير والوعيد عسى أن يرعووا ويزدجروا .
قوله : { واغلظ عليهم } أي واشدد عليهم في القتال إن كانوا كافرين وفي الموعظة والتخويف وإقامة الحدود إن كانوا منافقين .
قوله : { ومأواهم جهنم وبئس المصير } أي مقامهم النار بكفرهم ونفاقهم ، فساء المستقر والمرجع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.