فإذا انتهى مشهد التأنيب للمجرمين ، اتجه الخطاب بالتكريم للمتقين :
( إن المتقين في ظلال وعيون ، وفواكه مما يشتهون . كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون . إنا كذلك نجزي المحسنين . ويل يومئذ للمكذبين ! ) . .
إن المتقين في ظلال . . ظلال حقيقية في هذه المرة ! لا ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب ! وفي عيون من ماء لا في دخان خانق يبعث الظمأ الحرور :
لما ذكر عقوبة المكذبين ، ذكر ثواب{[1]} المحسنين ، فقال : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ } [ أي : ] للتكذيب ، المتصفين بالتصديق في أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم ، ولا يكونون كذلك إلا بأدائهم الواجبات ، وتركهم المحرمات .
{ فِي ظِلَالٍ } من كثرة الأشجار المتنوعة ، الزاهية البهية . { وَعُيُونٍ } جارية من السلسبيل ، والرحيق وغيرهما .
ولما كان الواقع بعد الفصل قرار كل في داره ، وكان-{[70953]} قد بدأ بالمكذبين لأن التحذير في السورة أعظم ففصلهم عن المصدقين فقال : انطلقوا - إلى آخره ، ثنى بأضدادهم الفريق الناجي المشار إليه في آخر الإنسان بقوله تعالى :{ يدخل من يشاء في رحمته }[ الإنسان : 31 ] فقال مؤكداً لأجل تكذيب الكفار بتلك الدار وبأن يكون المؤمنون أسعد منهم : { إن المتقين } أي الذين كانوا يجعلون بينهم وبين كل ما يغضب الله وقاية مما يرضيه لعراقتهم في هذا الوصف يوم القيامة { في ظلال } هي في الحقيقة الظلال لا-{[70954]} كما تقدم من ظل الدخان ، ولا يشبهها أعلى ظل في الدنيا ولا أحسنه{[70955]} إلا بالاسم ، ودل على-{[70956]} أنها على حقيقتها بقوله : { وعيون * } لأنها تكون عنها الرياض والأشجار الكبار{[70957]} كما دل على أن ذلك الظل المتشعب للتهكم بما ذكر بعده من أوصاف النار ، فهذه العيون تبرد الباطن{[70958]} وتنبت الأشجار المظلة كما أن اللهب يحرّ{[70959]} الظاهر والباطن ويهلك ما قرب منه من شجر و{[70960]}غيره فلا يبقى ولا يذر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.