فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ} (41)

ثم لما ذكر سبحانه في سورة الدهر أحوال الكفار في الآخرة على سبيل الإختصار وأطنب في أحوال المؤمنين فيها ، ذكر في هذه السورة أحوال الكفار على سبيل الإطناب ، وأحوال المؤمنين على سبيل الإيجاز فوقع بذلك التعادل بين السورتين فقال { إن المتقين في ظلال وعيون } .

أي في ظلال الأشجار وظلال القصور لا كالظل الذي للكفار من الدخان ومن النار كما تقدم ، قال المحلي أي تكاثف أشجار ، وعبارة الكازروني أي تحت شجار

قرأ الجمهور { في ظلال } وقرئ في ظل جمع ظلة ، قال مقاتل والكلبي : المراد بالمتقين الذين يتقون الشرك بالله لأن السورة من أولها إلى آخرها في تقريع الكفار على كفرهم .

قال الرازي : فيجب أن تكون هذه الآية مذكورة لهذا الغرض وإلا لتفككت السورة في نظمها وترتيبها ، وإنما يتم النظم بأن يكون هذا الوعد حاصلا للمؤمنين بسبب إيمانهم ، لأنه لما تقدم وعيد الكافر بسبب كفره وجب أن يقرن ذلك بوعد المؤمن بسبب إيمانه حتى يصير ذلك سببا في الزجر عن الكفر ، فأما أن يقرن به وعد المؤمن بسبب طاعته فلا يليق بالنظر ، كذا قال .

والمراد بالعيون الأنهار أي نابعة من ماء وعسل ولبن وخمر كما قال تعالى { فيها أنهار من ماء غير آسن } إلخ .