اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ} (41)

قوله تعالى : { إِنَّ المتقين فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ } .

قال مقاتل والكلبي : المراد{[59078]} بالمتقين : الذين يتقون الشرك بالله تعالى ؛ لأن السورة من أولها إلى آخرها في تقريع الكفار على كفرهم وتخويفهم{[59079]} .

قال ابن الخطيب{[59080]} : فيجب أن تكون هذه الآية مذكورة لهذا الغرضِ ، وإلا لتفككت السورة في نظمها وترتيبها ، وإنما يتم النظم بأن يكون الوعد للمؤمنين بسبب إيمانهم ، فأما من جعله بسبب الطاعة فلا يليق بالنظم ، وأيضاً فإن المتقي للشرك يصدق عليه أنه متَّقٍ ؛ لأن غاية هذا أنه عام مخصوص ، فتبقى حُجَّة فيما عدا محل التخصيص ، وأيضاً فأن يحمل اللفظ على المعنى الكامل أولى وأكمل أنواع التقوى تقوى الشرك ، فالحمل عليه أولى .

وقال بعضهم : هذه الآية أيضاً من جملة التهديد ، فإن الكفار في الدنيا يكون الموت عليهم أسهل من أن يكون للمؤمنين دولة ، فإذا رأوا عاقبة الفريقين في الآخرة تضاعف خسرانهم وندمهم ، ولما أوعد الكفار بظل ذي ثلاث شعب ، وعد المؤمنين بظلال وعيون وفواكه .


[59078]:في أ: أراد.
[59079]:ذكره الرازي في "تفسيره" (30/248) عن مقاتل والكلبي.
[59080]:الفخر الرازي 30/249.