في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

30

ثم جعل الله لهم من مثله هذه السفن التي تمخر بهم العباب . وهؤلاء وهؤلاء حملتهم قدرة الله ونواميسه التي تحكم الكون وتصرفه ؛ وتجعل الفلك يعوم على وجه الماء ، بحكم خواص الفلك ، وخواص الماء ، وخواص الريح أو البخار ، أو الطاقة المنطلقة من الذرة ، أو غيرها من القوى . وكلها من أمر الله وخلقه وتقديره .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

قوله تعالى : " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " والأصل يركبونه فحذفت الهاء لطول الاسم{[13221]} وأنه رأس آية . وفي معناه ثلاثة أقوال : مذهب مجاهد وقتادة وجماعة من أهل التفسير ، وروي عن ابن عباس أن معنى " من مثله " للإبل ، خلقها لهم للركوب في البر مثل السفن المركوبة في البحر ، والعرب تشبه الإبل بالسفن . قال طرفة :

كأن حُدُوجَ المالكية غُدْوَةً *** خلايا سَفِينٍ بالنَّوَاصِفِ من دَدِ{[13222]}

جمع خلية وهي السفينة العظيمة . والقول الثاني أنه للإبل والدواب وكل ما يركب . والقول الثالث أنه للسفن . النحاس : وهو أصحها لأنه متصل الإسناد عن ابن عباس . " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " قال : خلق لهم سفنا أمثالها يركبون فيها . وقال أبو مالك : إنها السفن الصغار خلقها مثل السفن الكبار ، وروي عن ابن عباس والحسن . وقال الضحاك وغيره : هي السفن المتخذة بعد سفينة نوح . قال الماوردي : ويجيء على مقتضى تأويل علي رضي الله عنه في أن الذرية في الفلك المشحون هي النطف في بطون النساء قول خامس في قوله : " وخلقتا لهم مثله ما يركبون " أن يكون تأويله النساء خلقن لركوب الأزواج لكن لم أره محكيا .


[13221]:كذا في كل نسخ الأصل وفي إعراب القرآن للنحاس.
[13222]:الحدوج جمع حدج وهو مركب من مراكب النساء. والمالكية منسوبة إلى مالك بن سعد بن ضيعة والنواصف جمع ناصفة وهي الرحبة الواسعة تكون في الوادي. ودد موضع.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

ولما كانت هذه الآية لم تنقطع بل عم سبحانه بنفعها قال : { وخلقنا } أي بعظمتنا الباهرة { لهم من مثله } أي من مثل ذلك الفلك من الإبل والفلك { ما يركبون * } أي مستمرين على ذلك على سبيل التجدد ليقصدوا منافعهم ، ولو شئنا لمنعنا ذلك .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا يَرۡكَبُونَ} (42)

قوله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } أي خلقنا لهم سفنا من مثل سفينة نوح ليركبوها . وقيل : المراد بذلك سفن البر من الإبل وغيرها من البهائم مما يركبونها ويحملون عليها أثقالهم وأمتعتهم .

ويستفاد من عدم تخصيص المراد بالسفن البر والبحر ، أن يتسع المراد ب { مثله } ليعم كل أنواع الحوافل التي تمخر البحار ، أو تقطع البراري والأمصار أو تجوب أجواز الفضاء . كل ذلك من فضل الله ومن تيسيره لعباده ؛ إذ سخَّر لهم صناعة ذلك . والله تعالى أعلم .