في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّهَا لَإِحۡدَى ٱلۡكُبَرِ} (35)

ووراء هذه الانبعاثات والإشراقات والاستقبالات ما في القمر ، وما في الليل ، وما في الصبح من حقيقة عجيبة هائلة يوجه القرآن إليها المدارك ، وينبه إليها العقول . ومن دلالة على القدرة المبدعة والحكمة المدبرة ، والتنسيق الإلهي لهذا الكون ، بتلك الدقة التي يحير تصورها العقول .

ويقسم الله سبحانه بهذه الحقائق الكونية الكبيرة لتنبيه الغافلين لأقدارها العظيمة ، ودلالاتها المثيرة . يقسم على أن( سقر )أو الجنود التي عليها ، أو الآخرة وما فيها ، هي إحدى الأمور الكبيرة العجيبة المنذرة للبشر بما وراءهم من خطر :

إنها لأحدى الكبر ، نذيرا للبشر . .

والقسم ذاته ، ومحتوياته ، والمقسم عليه بهذه الصورة . . كلها مطارق تطرق قلوب البشر بعنف وشدة ، وتتسق مع النقر في الناقور ، وما يتركه من صدى في الشعور . ومع مطلع السورة بالنداء الموقظ : ( يا أيها المدثر )والأمر بالنذارة : ( قم فأنذر ) . . فالجو كله نقر وطرق وخطر ! !

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّهَا لَإِحۡدَى ٱلۡكُبَرِ} (35)

قوله تعالى : " إنها لإحدى الكبر " جواب القسم ، أي إن هذه النار " لإحدى الكبر " أي لإحدى الدواهي . وفي تفسير مقاتل " الكبر " : اسم من أسماء النار . وروي عن ابن عباس " إنها " أي إن تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم " لإحدى الكبر " أي لكبيرة من الكبائر . وقيل : أي إن قيام الساعة لإحدى الكبر . والكبر : هي العظائم من العقوبات ، قال الراجز :

يا ابنَ المُعَلَّى نزلتْ إحدى الكُبَرْ *** داهيةُ الدَّهْرِ وصَمَّاءُ الغِيَرْ

وواحدة ( الكبر ) ، كبرى مثل الصغرى والصغر ، والعظمى والعظم . وقرأ العامة ( لإحدى ) وهو اسم بني ابتداء للتأنيث ، وليس مبنيا على المذكر ، نحو عقبى وأخرى ، وألفه ألف قطع ، لا تذهب في الوصل . وروى جرير بن حازم عن ابن كثير " إنها لحدى الكبر " بحذف الهمزة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّهَا لَإِحۡدَى ٱلۡكُبَرِ} (35)

ولما أقسم على ما أخبر به من ذكراها ، وأكده لإنكارهم العظيم لبلاياها استأنف تعظيمها والتخويف منها تأكيداً للتخويف لما تقدم من الإنكار فقال : { إنها } أي النار التي سقر دركة من دركاتها ، وزاد في التأكيد على مقتضى زيادتهم في الاستهزاء فقال : { لإحدى الكبر * } أي من الدواهي والعظائم ، جمع كبيرة وكبرى ، وهو كناية عن شدة هولها كما يقول : هو أحد الرجال أي لا مثل له ، أو{[69919]} المراد بها واحدة سبع هي غاية في الكبر أي دركات النار ، وهو جهنم فلظى فالحطمة فالسعير فسقر فالجحيم فالهاوية ، هي إحداها في عظيم أقطارها وشديد{[69920]} إيلامها وإضرارها ، حال كونها { نذيراً


[69919]:من م، وفي ظ:"و".
[69920]:في م: شدايد.