اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّهَا لَإِحۡدَى ٱلۡكُبَرِ} (35)

قوله : { إِنَّهَا } . أي : إن النار .

وقيل : إن قيام الساعة كذا حكاه أبو حيان{[58563]} . وفيه شيئان : عوده على غير مذكور ، وكونُ المضاف اكتسب تأنيثاً .

وقيل : إنه النذارة ، وقيل : هي ضمير القصّة ، وهذا جواب القسم وتعليل ل " كَلاَّ " والقسم معترض للتوكيد . قاله الزمخشري .

قال شهاب الدين{[58564]} : " وحينئذ يحتاج إلى تقدير جوازه ، وفيه تكلف وخروج عن الظاهر " .

قوله : { لإِحْدَى الكبر } . قرأ العامَّةُ : " لإحْدَى الكُبَر " بهمزة ، وأصلها واو من الوحدة .

وقرأ نصر{[58565]} بن عاصم ، وابن محيصن ، ويروى عن ابن كثير : " لَحدى " بحذف الهمزة .

وهذا من الشُّذوذ بحيث لا يقاس عليه .

وتوجيهه : أن يكون أبدالها ألفاً ثُمَّ حذف الألف لالتقاء الساكنين ، وقياس تخفيف مثل هذه الهمزة أن تجعل بَيْنَ بَيْنَ .

قال الواحدي : ألف إحدى مقطوع لا تذهب في الوصل و " الكُبَر " : جمع " كُبْرَى " ك " الفُضَل " جمع " فُضْلَى " .

قال الزمخشري : " الكُبَر : جمع الكُبْرى " . جعلت ألف التأنيث كتاء التأنيث ، فكما جمعت " فُعْلة " على " فُعَل " جمعت " فُعْلى " عليها ، ونظير ذلك : " السَّوافِي " في جمع " السَّافِيَاء " وهو التراب التي تسفّه الريح ، و " القَواصع " في جمع " القَاصِعَاء " كأنها جمع " فاعلة " قاله ابن الخطيب{[58566]} .

فصل في معنى الآية

معنى " إحْدَى الكُبَرِ " أي إحدى الدواهي ، قال : [ الرجز ]

4971 - يَا ابْنَ المُعلَّى نزَلتْ إحْدَى الكْبَرْ***دَاهِيَةُ الدَّهْرِ وصَمَّاءُ الغِيَرْ{[58567]}

ومثله : هو أحد الرجال ، وهي إحدى النساء ، لمن يستعظمونه . والمراد من " الكبر " دركات جهنم ، وهي سبعة : جَهَنَّم ، ولَظَى ، والحطمة ، والسَّعير ، والجَحِيم ، والهَاوية ، وسَقَر . أعاذنا الله منها .

وفي تفسير مقاتل : " الكُبَر " اسم من أسماء النار .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما " إنها " أي إن تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم " لإحْدَى الكُبَر " أي : الكبيرة من الكبائر{[58568]} .


[58563]:ينظر: البحر المحيط 8/378.
[58564]:ينظر: الدر المصون 6/419.
[58565]:ينظر: السبعة 659، 660، والحجة 6/339، وإعراب القراءات 2/411.
[58566]:ينظر: الفخر الرازي 30/184.
[58567]:الرجز للعجاج، ينظر ديوانه (16)، والقرطبي 19/55، والبحر 8/370، والدر المصون 6/419.
[58568]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/55).