البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّهَا لَإِحۡدَى ٱلۡكُبَرِ} (35)

{ إنها لإحدى الكبر } : الظاهر أن الضمير في إنها عائد على النار .

قيل : ويحتمل أن يكون للنذارة ، وأمر الآخرة فهو للحال والقصة .

وقيل : إن قيام الساعة لإحدى الكبر ، فعاد الضمير إلى غير مذكور ، ومعنى إحدى الكبر : الدواهي الكبر ، أي لا نظير لها ، كما تقول : هو أحد الرجال ، وهي إحدى النساء ، والكبر : العظائم من العقوبات .

وقال الراجز :

يا ابن المعلى نزلت إحدى الكبر *** داهية الدهر وصماء الغير

والكبر جمع الكبرى ، طرحت ألف التأنيث في الجمع ، كما طرحت همزته في قاصعاء فقالوا قواصع .

وفي كتاب ابن عطية : والكبر جمع كبيرة ، ولعله من وهم الناسخ .

وقرأ الجمهور : لإحدى بالهمز ، وهي منقلبة عن واو أصله لوحدى ، وهو بدل لازم .

وقرأ نصر بن عاصم وابن محيصن ووهب بن جرير عن ابن كثير : بحذف الهمزة ، وهو حذف لا ينقاس ، وتخفيف مثل هذه الهمزة أن تجعل بين بين .

والظاهر أن هذه الجملة جواب للقسم .

وقال الزمخشري : أو تعليل لكلا ، والقسم معترض للتوكيد . انتهى .