في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

وهو يمهد بهذا الجرس العنيف للمشهد الذي يليه : مشهد المرء يفر وينسلخ من ألصق الناس به : ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ) . . أولئك الذين تربطهم به وشائج وروابط لا تنفصم ؛ ولكن هذه الصاخة تمزق هذه الروابط تمزيقا ، وتقطع تلك الوشائج تقطيعا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

{ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } أي : قد شغلته نفسه ، واهتم لفكاكها ، ولم يكن له التفات إلى غيرها ، فحينئذ ينقسم الخلق إلى فريقين : سعداء وأشقياء ،

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

{ يوم يفر المر من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه } لا يلتفت إلى واحد منهم لشغله بنفسه . حكي عن قتادة قال في هذه الآية { يوم يفر المرء من أخيه } قال : يفر هابيل من قابيل ، ويفر النبي صلى الله عليه وسلم من أمه ، وإبراهيم عليه السلام من أبيه ، ولوط عليه السلام من صاحبته ، ونوح عليه السلام من ابنه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

قوله تعالى : " يوم يفر المرء من أخيه " أي يهرب ، أي تجيء الصاخة في هذا اليوم الذي يهرب فيه من أخيه ، أي من موالاة أخيه ومكالمته ؛ لأنه لا يتفرغ لذلك ، لاشتغاله بنفسه ، كما قال بعده : " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " أي يشغله عن غيره . وقيل : إنما يفر حذرا من مطالبتهم إياه ، لما بينهم من التبعات . وقيل : لئلا يروا ما هو فيه من الشدة . وقيل : لعلمه أنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه شيئا ، كما قال : " يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا " [ الدخان : 41 ] . وقال عبد الله بن طاهر الأبهري : يفر منهم لما تبين له من عجزهم وقلة حيلتهم ، إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه ، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئا سوى ربه تعالى . وذكر الضحاك عن ابن عباس قال : يفر قابيل من أخيه هابيل ، ويفر النبي صلى الله عليه وسلم من أمه ، وإبراهيم عليه السلام من أبيه ، ونوح عليه السلام من ابنه ، ولوط من امرأته ، وآدم من سوأة بنيه . وقال الحسن : أول من يفر يوم القيامة من أبيه : إبراهيم ، وأول من يفر من ابنه نوح ، وأول من يفر من امرأته لوط . قال : فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم وهذا فرار التبرؤ .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

{ يفر المرء من أخيه } الآية : ذكر فرار الإنسان من أحبابه ورتبهم على ترتيبهم في الحنو والشفقة فبدأ فالأقل وختم بالأكثر لأن الإنسان أشد شفقة على بنيه من كل من تقدم ذكره وإنما يفر منهم لاشتغاله بنفسه ؛ وقيل : إن فراره منهم لئلا يطالبوه بالتبعات والأول أرجح وأظهر ، لقوله : { لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ} (36)

ولما كانت الزوجة التي هي أهل لأن تصحب{[71774]} ألصق بالفؤاد{[71775]} وأعرق في الوداد ، وكان الإنسان أذب عنها{[71776]} عند الاشتداد ، قال : { وصاحبته } ولعله أفردها إشارة إلى أنها عنده في الدرجة العليا من المودة بحيث لا يألف غيرها .

ولما كان للوالد إلى الولد من المحبة والعاطفة والإباحة -{[71777]} بالسر والمشاورة في الأمر ما ليس لغيره ، ولذلك يضيع عليه رزقه وعمره قال : { وبنيه * } وإن اجتمع فيهم الصغير الذي هو عليه أشفق والكبير الذي هو في قلبه-{[71778]} أجل وفي عينه أنبل ومن بينهما من الذكر والأنثى .


[71774]:زيد في الأصل: لأنها، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71775]:من ظ و م، وفي الأصل: إلى الفواد.
[71776]:من ظ و م، وفي الأصل: منها.
[71777]:زيد من ظ و م.
[71778]:زيد من ظ و م.