في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغۡفِرۡ لَنَا رَبَّنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (5)

ويستطرد لهذا في إثبات بقية دعاء إبراهيم ونجواه لمولاه :

( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ) . .

فلا تسلطهم علينا . فيكون في ذلك فتنة لهم ، إذ يقولون : لو كان الإيمان يحمي أهله ما سلطنا عليهم وقهرناهم ! وهي الشبهة التي كثيرا ما تحيك في الصدور ، حين يتمكن الباطل من الحق ، ويتسلط الطغاة على أهل الإيمان - لحكمة يعلمها الله - في فترة من الفترات . والمؤمن يصبر للابتلاء ، ولكن هذا لا يمنعه أن يدعو الله ألا يصيبه البلاء الذي يجعله فتنة وشبهة تحيك في الصدور .

وبقية الدعاء :

( واغفر لنا ) . .

يقولها إبراهيم خليل الرحمن . إدراكا منه لمستوى العبادة التي يستحقها منه ربه ، وعجزه ببشريته عن بلوغ المستوى الذي يكافئ به نعم الله وآلاءه ، ويمجد جلاله وكبرياءه فيطلب المغفرة من ربه ، ليكون في شعوره وفي طلبه أسوة لمن معه ولمن يأتي بعده .

ويختم دعاءه وإنابته واستغفاره يصف ربه بصفته المناسبة لهذا الدعاء :

( ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ) . .

العزيز : القادر على الفعل ، الحكيم : فيما يمضي من تدبير .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغۡفِرۡ لَنَا رَبَّنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (5)

{ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا } أي : لا تسلطهم علينا بذنوبنا ، فيفتنونا ، ويمنعونا مما يقدرون عليه من أمور الإيمان ، ويفتنون أيضا بأنفسهم ، فإنهم إذا رأوا لهم الغلبة ، ظنوا أنهم على الحق وأنا على الباطل ، فازدادوا كفرا وطغيانا ، { وَاغْفِرْ لَنَا } ما اقترفنا من الذنوب والسيئات ، وما قصرنا به من المأمورات ، { رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } القاهر لكل شيء ، { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها ، فبعزتك{[1054]}  وحكمتك انصرنا على أعدائنا ، واغفر لنا ذنوبنا ، وأصلح عيوبنا .


[1054]:- كذا في ب، وفي أ: فمن عزتك.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغۡفِرۡ لَنَا رَبَّنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (5)

{ ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا } أي لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغۡفِرۡ لَنَا رَبَّنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (5)

ولما أخبروا بإسلامهم له سبحانه وعللوه بما اقتضى الإحاطة فاقتضى مجموع{[64521]} ذلك الثناء الأتم ، فلزم منه الطلب ، صرحوا به فقالوا داعين بإسقاط الأداة للدلالة على غاية قربه سبحانه بما له من الإحاطة : { ربنا } أي أيها المربي لنا والمحسن إلينا { لا تجعلنا } بإضعافنا والتسليط علينا { فتنة } أي موضع اختبار { للذين كفروا } بأن يعذبونا بعذاب يميلنا عما نحن عليه{[64522]} ويميلهم عما وصلوا{[64523]} إليه بسبب إسلامنا من الزلازل{[64524]} بما يوجب ذلك لهم من اعتقاد لو أنك كنت راضياً بديننا لكنا{[64525]} على الحق وكانوا هم على الباطل ما أمكنت منا ، فيزيدهم ذلك طغياناً ظناً منهم أنهم على الحق وأنا على الباطل .

ولما كان رأس مال المسلم{[64526]} الأعظم الاعتراف بالتقصير وإن بلغ النهاية في المجاهدة فإن{[64527]} الإله في غاية العظمة والعبد في نهاية الضعف ، فبلوغه ما يحق له{[64528]} سبحانه لا يمكن بوجه قالوا :{ واغفر لنا } أي استر ما عجزنا فيه وامح عينه وأثره .

ولما طلبوا منه الحياطة من جميع الجوانب ، عللوه زيادة في التضرع والخضوع واستجاز المطلوب مكررين صفة الإحسان زيادة في الترقق والاستعطاف بقولهم : { ربنا } أي المحسن إلينا ، وأكدوا إعلاماً بشدة رغبتهم بحسن الثناء عليه{[64529]} سبحانه واعترافاً {[64530]}بأنهم قد يفعلون{[64531]} ما فيه شيء من تقصير فيكون من مثل أفعال من لا {[64532]}يعرفه سبحانه فقالوا : { إنك أنت } أي وحدك لا غيرك { العزيز } الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء { الحكيم * } الذي يضع الأشياء في أوفق محالها فلا يستطاع{[64533]} نقضها ، ومن كان كذلك فهو حقيق بأن يعطى من أمله فوق ما طلب .


[64521]:- من ظ وم، وفي الأصل: جميع.
[64522]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيه.
[64523]:- من ظ وم، وفي الأصل: وصوا.
[64524]:- من م، وفي الأصل: الزلزال.
[64525]:- من ظ وم، وفي الأصل: وكنا.
[64526]:- من م، وفي الأصل وظ: السلم.
[64527]:- من ظ وم، وفي الأصل: في.
[64528]:- زيد من ظ.
[64529]:- من ظ وم، وفي الأصل: إليه.
[64530]:- من ظ وم، وفي الأصل: بأنه قد يفعلوا.
[64531]:- من ظ وم، وفي الأصل: بأنه قد يفعلوا.
[64532]:- زيد من ظ وم.
[64533]:- من ظ وم، وفي الأصل: فلا يساع.