في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذَآ أُلۡقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقٗا وَهِيَ تَفُورُ} (7)

ثم يرسم مشهدا لجهنم هذه ، وهي تستقبل الذين كفروا في غيظ وحنق شديد :

( إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور . تكاد تميز من الغيظ ! ) . .

وجهنم هنا مخلوقة حية ، تكظم غيظها ، فترتفع أنفاسها في شهيق وتفور ؛ ويملأ جوانحها الغيظ فتكاد تتمزق من الغيظ الكظيم وهي تنطوي على بغض وكره يبلغ إلى حد الغيظ والحنق على الكافرين !

والتعبير في ظاهره يبدو مجازا تصويريا لحالة جهنم . ولكنه - فيما نحس - يقرر حقيقة . فكل خليقة من خلائق الله حية ذات روح من نوعها . وكل خليقة تعرف ربها وتسبح بحمده ؛ وتدهش حين ترى الإنسان يكفر بخالقه ، وتتغيظ لهذا الجحود المنكر الذي تنكره فطرتها وتنفر منه روحها . وهذه الحقيقة وردت في القرآن في مواضع شتى تشعر بأنها تقرر حقيقة مكنونة في كل شيء في هذا الوجود .

فقد جاء بصريح العبارة في القرآن : ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ، ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) . . وورد كذلك : ( يا جبال أوبي معه والطير ) . . وهي تعبيرات صريحة مباشرة لا مجال فيها للتأويل .

كذلك ورد( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض : ائتيا طوعا أو كرها قالتا : أتينا طائعين ) . . مما يحتمل أن يقال فيه إنه مجاز تصويري لحقيقة خضوع السماء والأرض لناموس الله . ولكن هذا التأويل لا ضرورة له . بل هو أبعد من المعنى المباشر الصريح .

ووردت صفة جهنم هذه . كما ورد في موضع آخر تعبير عن دهشة الكائنات وغيظها للشرك بربها : ( لقد جئتم شيئا إدا . تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض ، وتخر الجبال هدا ، أن دعوا للرحمن ولدا ، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) . .

وكل هذه النصوص تشير إلى حقيقة ، حقيقة إيمان الوجود كله بخالقه ، وتسبيح كل شيء بحمده . ودهشة الخلائق وارتياعها لشذوذ الإنسان حين يكفر ، ويشذ عن هذا الموكب ؛ وتحفز هذه الخلائق للانقضاض على الإنسان في غيظ وحنق ؛ كالذي يطعن في عزيز عليه كريم على نفسه ، فيغتاظ ويحنق ، ويكاد من الغيظ يتمزق . كما هو حال جهنم وهي : ( تفور . تكاد تميز من الغيظ ! ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِذَآ أُلۡقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقٗا وَهِيَ تَفُورُ} (7)

{ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا } على وجه الإهانة والذل { سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا } أي : صوتًا عاليًا فظيعًا ، { وَهِيَ تَفُورُ } .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِذَآ أُلۡقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقٗا وَهِيَ تَفُورُ} (7)

{ إذا ألقوا فيها سمعوا لها } لجهنم { شهيقا } صوتا كصوت الحمار { وهي تفور } تغلي .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِذَآ أُلۡقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقٗا وَهِيَ تَفُورُ} (7)

ولما عبر {[66829]}عن ذمها{[66830]} بمجمع المذام ، أتبعه الوصف لبعض تجهمها على وجه التعليل ، فقال دالاً بالإلقاء على خساستهم وحقارتهم معبراً بأداة التحقيق دلالة على أنه أمر لا بد منه ، وبالبناء للمفعول على أن إلقاءهم في غاية السهولة على كل من يؤمر به : { إذا ألقوا } أي طرح الذين كفروا و{[66831]}الأخساء من أي{[66832]} طارح أمرناه بطرحهم { فيها } حين تعتلهم {[66833]}الملائكة فتطرحهم كما تطرح الحطب {[66834]}في النار{[66835]} { سمعوا لها } أي جهنم نفسها { شهيقاً } أي صوتاً هائلاً أشد نكارة من أول صوت الحمار ، لشدة توقدها وغليانها ، أو لأهلها - على حذف مضاف { وهي تفور * } أي تغلي بهم كغلي المرجل بما فيه من{[66836]} شدة التلهب والتسعر ، فهم لا يزالون فيها صاعدين هابطين كالحب إذا كان الماء{[66837]} - يغلي به ، لا قرار لهم أصلاً .


[66829]:- من ظ وم، وفي الأصل: بذمها.
[66830]:- من ظ وم، وفي الأصل: بذمها.
[66831]:- زيد من ظ.
[66832]:- من ظ وم، وفي الأصل: كل.
[66833]:- من ظ وم، وفي الأصل: تعلهم.
[66834]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66835]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66836]:- زيد من ظ وم.
[66837]:- زيد من ظ.