في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا} (16)

وفي ظل هذا المشهد . مشهد النار الكبرى للأشقى . والنجاة والفلاح لمن تزكى ، يعود بالمخاطبين إلى علة شقائهم ، ومنشأ غفلتهم ، وما يصرفهم عن التذكر والتطهر والنجاة والفلاح ، ويذهب بهم إلى النار الكبرى والشقوة العظمى :

( بل تؤثرون الحياة الدنيا . والآخرة خير وأبقى ) . .

إن إيثار الحياة الدنيا هو أساس كل بلوى . فعن هذا الإيثار ينشأ الإعراض عن الذكرى ؛ لأنها تقتضيهم أن يحسبوا حساب الآخرة ويؤثروها . وهم يريدون الدنيا ، ويؤثرونها . .

وتسميتها( الدنيا )لا تجيء مصادفة . فهي الواطية الهابطة - إلى جانب أنها الدانية : العاجلة :

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا} (16)

{ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } أي : تقدمونها على الآخرة ، وتختارون نعيمها المنغص المكدر الزائل على الآخرة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا} (16)

{ بل تؤثرون } تختارون { الحياة الدنيا }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا} (16)

قراءة العامة " بل تؤثرون " بالتاء ، تصديقه قراءة أُبيّ " بل أنتم تؤثرون " . وقرأ أبو عمرو ونصر بن عاصم " بل يؤثرون " بالياء على الغيبة ، تقديره : بل يؤثرون الأشقون الحياة الدنيا . وعلى الأول فيكون تأويلها بل تؤثرون أيها المسلمون الاستكثار من الدنيا ، للاستكثار من الثواب . وعن ابن مسعود أنه قرأ هذه الآية ، فقال : أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة ؟ لأن الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها وطعامها وشرابها ، ولذاتها وبهجتها ، والآخرة غيبت عنا ، فأخذنا العاجل ، وتركنا الآجل . وروى ثابت عن أنس قال : كنا مع أبي موسى في مسير ، والناس يتكلمون ويذكرون الدنيا . قال أبو موسى : يا أنس ، إن هؤلاء يكاد أحدهم يفري الأديم بلسانه فريا ، فتعال فلنذكر ربنا ساعة . ثم قال : يا أنس ، ما ثَبَرَ الناس{[15980]} ما بطأ بهم ؟ قلت الدنيا والشيطان والشهوات . قال : لا ، ولكن عجلت الدنيا ، وغيبت الآخرة ، أما واللّه لو عاينوها ما عدلوا ولا ميلوا{[15981]} .


[15980]:الثبر: الحبس، أي ما الذي صدهم ومنعهم عن طاعة الله.
[15981]:قوله "ما عدلوا": ما ساووا بها شيئا. وقوله "ولا ميلوا": أي ما شكوا ولا ترددوا (عن النهاية لابن الأثير).
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا} (16)

ولما كان التقدير : وأنتم لا تفعلون{[72950]} ذلك ، أو و-{[72951]} هم لا يفعلونه - على القراءتين ، عطف عليه قوله بالخطاب في قراءة الجماعة على الالتفات الدال على تناهي الغضب-{[72952]} ، منبهاً على المعاملات بسبب التداوي الرابع{[72953]} وهو الاستفراغ بنفي الرذائل والخبائث بالذم على ما ينبغي البراءة منه والحث على ما يتعين تحصيله تحصيلاً لحسن الرعاية{[72954]} : { بل تؤثرون } أي {[72955]}تختارون وتخصون{[72956]} بذلك على وجه الاستبداد ، أيها الأشقياء ، وبالغيب على الأصل عند أبي عمرو { الحياة الدنيا * } أي الدنية بالفناء الحاضرة ، مع أنها شر و{[72957]}

فانية ، اشتغالاً بها لأجل حضورها كالحيوانات التي هي مقيدة بالمحسوسات ، فاستغرق اشتغالكم بها أوقاتكم ومنعكم عن ذكر اسم-{[72958]} الله المنهي إلى ذكر الله والمهيىء له ، وعن تزكية نفوسكم ، فأوقعكم ذلك في داء القبقب وهو البطن ، والدبدب وهو الفرج ، وحب المال المؤدي إلى شر الأعمال ، وتتركون الآخرة


[72950]:من ظ وم، وفي الأصل: لا تعقلون.
[72951]:زيد من ظ و م.
[72952]:زيد من ظ و م.
[72953]:زيد من ظ و م في ظ: الأبع-كذا.
[72954]:زيد في الأصل و ظ: انتهى قال، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[72955]:من ظ و م، وفي الأصل: يجاورون ويخفعون- كذا.
[72956]:من ظ و م، وفي الأصل: يجاورون ويخفعون-كذا.
[72957]:ليست الواو في الأصل فقط.
[72958]:زيد من ظ و م.