الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا} (16)

أخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ { بل تؤثرون الحياة الدنيا } على الآخرة .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في شعب الإِيمان عن عرفجة الثقفي قال : استقرأت ابن مسعود { سبح اسم ربك الأعلى } فلما بلغ { بل تؤثرون الحياة الدنيا } ترك القراءة وأقبل على أصحابه ، فقال : آثرنا الدنيا على الآخرة فسكت القوم .

فقال : آثرنا الدنيا لأنا رأينا زينتها ونساءها وطعامها وشرابها ، وزويت عنا الآخرة فاخترنا هذا العاجل وتركنا الآجل وقال : «بل يؤثرون » بالياء .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة { بل تؤثرون الحياة الدنيا } قال : اختار الناس العاجلة إلا من عصم الله { والآخرة خير } في الخير { وأبقى } في البقاء .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة { بل تؤثرون الحياة الدنيا } قال : يعني هذه الأمة ، وإنكم ستؤثرون الحياة الدنيا .

وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم ، فإذا آثروا صفقة دنياهم ، ثم قالوا : لا إله إلا الله ردت عليها وقال الله كذبتم » .

وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يلقى الله أحد بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلا دخل الجنة ما لم يخلط معها غيرها ، رددها ثلاثاً قال قائل من قاصية الناس : بأبي أنت وأمي يا رسول الله : وما يخلط معها غيرها ؟ قال : حب الدنيا وأثرة لها وجمعا لها ورضا بها وعمل الجبارين » .

وأخرج أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من أحب دنياه أضر بآخرته ، ومن أحب آخرته أضر بدنياه ، فآثروا ما يبقى على ما يفنى » .

وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، لها يجمع من لا عقل له » .

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن موسى بن يسار رضي الله عنه أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن الله جل ثناؤه لم يخلق خلقاً أبغض إليه من الدنيا ، وإنه منذ خلقها لم ينظر إليها » .

وأخرج البيهقي عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «حب الدنيا رأس كل خطيئة » .