في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَذَٰلِكَ خَيۡرٞ نُّزُلًا أَمۡ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ} (62)

ولكي يتضح الفارق الهائل بين هذا النعيم الخالد الآمن الدائم الراضي ؛ والمصير الآخر الذي ينتظر الفريق الآخر . فإن السياق يستطرد إلى ما ينتظر هذا الفريق بعد موقف الحشر والحساب الذي ورد في مطلع المشهد الفريد :

( أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم ! إنا جعلناها فتنة للظالمين . إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم . طلعها كأنه رؤوس الشياطين . فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون . ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم . ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) . .

أذلك النعيم المقيم خير منزلاً ومقاماً أم شجرة الزقوم ?

وما شجرة الزقوم ?

( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم . طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) . .

والناس لا يعرفون رؤوس الشياطين كيف تكون ! ولكنها مفزعة ولا شك . ومجرد تصورها يثير الفزع والرعب . فكيف إذا كانت طلعاً يأكلونه ويملأون منه البطون ? !

لقد جعل الله هذه الشجرة فتنة للظالمين . فحين سمعوا باسمها سخروا وقالوا : كيف تنبت شجرة في الجحيم ولا تحترق . وقال قائل منهم هو أبو جهل ابن هشام يسخر ويتفكه : " يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد ? قالوا : لا : قال عجوة يثرب بالزبد ! والله لئن استمكنا منها لنزقمنها تزقماً " ! ولكن شجرة الزقوم هذه شيء آخر غير ذلك الطعام الذي كانوا يعرفون !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَذَٰلِكَ خَيۡرٞ نُّزُلًا أَمۡ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ} (62)

أنواع العذاب في جهنم

{ أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ( 62 ) إنا جعلناها فتنة للظالمين ( 63 ) إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم ( 64 ) طلعها كأنه رؤوس الشياطين ( 65 ) فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ( 66 ) ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ( 67 ) ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ( 68 ) إنهم ألفوا آباءهم ضالين ( 69 ) فهم على آثارهم يهرعون ( 70 ) ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين ( 71 ) ولقد أرسلنا فيهم منذرين ( 72 ) فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ( 73 ) إلا عباد الله المخلصين ( 74 ) }

المفردات :

النزل : ما يعدّ للضيف وغيره من الطعام والشراب .

الزقوم : شجرة صغيرة الورق ، كريهة الرائحة ، مرّة الطعم ، تكون بتهامة .

62

التفسير :

62- { أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم } .

أهذا الرزق المعلوم الذي أعطيته للأهل الجنة والنعيم المقيم ، أفضل أم ما أعددت لأهل النار من الزقوم المرّ البشع ، وهذا ضرب من التهكم ، والسخرية بهم ، وهو أسلوب كثير الورود في القرآن الكريم ، حيث يقارن القرآن بين نعيم أهل الجنة ، وعذاب أهل النار .

قال تعالى : { مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار . وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم } . [ محمد : 15 ] .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَذَٰلِكَ خَيۡرٞ نُّزُلًا أَمۡ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ} (62)

قوله تعالى : { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ( 62 ) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ( 63 ) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ( 64 ) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ( 65 ) فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ( 66 ) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ( 67 ) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ( 68 ) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ ( 69 ) فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } .

اسم الإشارة { ذلك } عائد إلى الرزق المعلوم الذي جعله الله للمؤمنين في الجنة ؛ فقد أسبغ الله عليهم فيها من النعم ما لم يخطر على قلب بشر ؛ وذلك لفرط ما أعدّ الله لهم من جزيل النعم والخيرات واللذات . و { نُزُلاً } تمييز لقوله : { خيرٌ } . و { الزَّقُّومِ } شجرة مسمومة يخرج لها لبن إذا مسَّ جسد أحدٍ تورَّم منه ومات . والتزقُّم ، البلع بشدة وجهد للأشياء الكريهة . وقد قال أبو جهل - وهو من العرب العرباء - : لا نعرف الزقوم إلا التمر والزبد . وذلك من باب العناد والكذب{[3957]}

وفي هذه الآية يعادلُ الله بين الرزق الكريم والنعيم المقيم في الجنة ، وبين شجرة الزقوم ذات الطعام الخبيث المسموم ، سيء الطعم والريح والمنظر ، فقال سبحانه : { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ } والنزل معناه العطاء وما يُعد للأضياف من الرزق .

والمعنى : أنعيم الجنة وما فيها من اللذات والثمرات وألوان النِّعم { خَيْرٌ نُزُلاً } أي خير ضيافة وعطاء أم شجرة الزقوم خير . وهي شجرة خبيثة الثمر ، صغيرة الورق ، شديدة المرارة ، كريهة الرائحة والطعم .


[3957]:الدر المصون ج 9 ص 314