فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَذَٰلِكَ خَيۡرٞ نُّزُلًا أَمۡ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ} (62)

{ أَذَلِكَ ؟ } الذي ذكره من نعيم الجنة وهو مبتدأ وخبره { خَيْرٌ } و { نُّزُلا } تمييز والنزل في أصل اللغة الفضل والريع فاستعير للحاصل من الشيء والرزق الذي يصلح أن ينزلوا معه ويقيموا فيه ، والخيرية بالنسبة إلى ما اختاره الكفار على غيره ، والمعنى : قل يا محمد لقومك على سبيل التوبيخ والتبكيت والتهكم : أذلك الرزق المعلوم الذي حاصله اللذة والسرور خير نزلا .

{ أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ؟ } أي التي حاصلها الألم والغم ، قال الزجاج : المعنى أذلك خير في باب الإنزال التي يبقون بها نزلا أم نزل أهل النار ؟ وهو الزقوم وهو ما يكره تناوله ، قال الواحدي : وهو شيء مر كريه يكره أهل النار على تناوله فهم يتزقمونه فهي على هذا مشتقة من التزقم ؛ وهو البلع على جهد لكراهتها ونتنها ؛ واختلف فيها ، هل هي من شجر الدنيا التي تعرفها العرب ؟ أم لا ؟ على قولين أحدهما : أنها معروفة من شجر الدنيا ، فقال قطرب : إنها شجرة مرة كريهة الرائحة تكون بتهامة من أخبث الشجر ، وقال غيره : بل هو كل نبات قاتل : وقيل : شجرة مسمومة متى مست جسد أحد تورم فمات والإضافة من إضافة المسمى إلى الاسم .

القول الثاني : أنها غير معروفة في شجر الدنيا ، وقيل : إنه قال ابن الزبعري لصناديد قريش : إن محمدا يخوفنا بالزقوم وهي بلسان بربر الزبد والتمر ، وقيل : هي بلغة أهل اليمن ؛