في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ عَٰلِمُ غَيۡبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (38)

27

وأخيراً يجيء التعقيب على هذه المشاهد جميعاً ، وعلى ما سبقها من اصطفاء وتوريث :

( إن الله عالم غيب السماوات والأرض . إنه عليم بذات الصدور ) .

والعلم الشامل اللطيف الدقيق أنسب تعقيب على تنزيل الكتاب . وعلى اصطفاء من يرثونه ويحملونه . وعلى تجاوز الله عن ظلم بعضهم لنفسه . وعلى تفضله عليهم بذلك الجزاء . وعلى حكمه على الذين كفروا بذلك المصير . . فهو عالم غيب السماوات والأرض . وهو عليم بذات الصدور . وبهذا العلم الشامل اللطيف الدقيق يقضي في كل هذه الأمور . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ عَٰلِمُ غَيۡبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (38)

{ إن الله عالم غيب السموات والأرض إنه عليم بذات الصدور }

المفردات :

ذات الصدور : خفاياها من النزوات والميول .

التفسير :

إنه سبحانه مطلع على الخفايا والنوايا وعلى ما غاب عنكم في السموات والأرض فاتقوه واحذروا أن يطلع على ما في ضمائركم من الكيد لرسوله وأنكم تريدون إطفاء دينه وتنصرون آلهتكم التي لا تنفعكم شيئا يوم القيامة .

{ إنه عليم بذات الصدور . . . } هو سبحانه مطلع على ما تكنه الضمائر وما تنطوي عليه السرائر وسيجازي كل عامل بما عمل لقد صمم الكافرين على ما هم فيه من الضلال إلى الأبد فمهما طالت أعمارهم فلن تتغير أحوالهم وكان عقابهم في جهنم جزاء وفاقا على عزمهم وتصميمه أنهم لو خلدوا في الدنيا أبدا لما آمنوا بالله ورسوله أبدا .

قال تعالى : ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون . ( الأنعام : 28 ) .

***

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ عَٰلِمُ غَيۡبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (38)

ولما كان سبحانه عالماً بما نفى وما أثبت ، علل ذلك مقرراً سبب دوام عذابهم وأنه بقدر كفرانهم كما قال تعالى{ وجزاء سيئة سيئة مثلها }[ الشورى : 40 ] بقوله مؤكداً إشارة إلى أنه لا يجب تمرين النفس عليه لما له من الصعوبة لوقوف النفس مع المحسوسات : { إن الله } أي الذي أحاط بكل شيء قدرة وعلماً { عالم غيب } ولما كانت جهة العلو أعرق في الغيب قال : { السماوات والأرض } فأنتج ذلك قوله مؤكداً لأنه من أعجب الغيب لأنه كثيراً ما يخفى على الإنسان ما في نفسه والله تعالى عالم به ، أو هو تعليل لما قبله : { إنه عليم } أي بالغ العلم { بذات الصدور * } أي قبل أن يعلمها أربابها حين تكون غيباً محضاً ، فهو يعلم أنكم لو مدت أعماركم لم ترجعوا عن الكفر أبداً ، ولو رددتم لعدتم لما نهيتم عنه وأنه لا مطمع في صلاحكم ، ولذلك يأمر الملك أن يكتب عند نفخ الروح في الولد أنه ما شقي أو سعيد قبل أن يكون له خاطر أصلاً ، وربما كان في غاية ما يكون من الإقبال على الخير فعلاً ونية ، ثم يختم له بشر ، وربما كان على خلاف ذلك في غاية الفساد ، لا يدع شركاً ولا غيره من المعاصي حتى يرتكبها وهو عند الله سعيد لما يعلم من نيته بعد ذلك حين يقبل بقلبه عليه فيختم له بخير فيكون من أهل الجنة ، وأما الخواطر بعد وجودها في القلوب فقد يطلع عليها الملك والشيطان .