صحف إبراهيم : ما نزل عليه من الحكم والشرائع .
وفّى : أتمّ ما أمر به على أبلغ وجه في الوفاء .
ألا تزر وازرة وزر أخرى : لا تحمل نفس حمل نفس أخرى .
36 ، 37 ، 38- { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } .
أي : ألم يخبر بما نصت عليه التوراة ، وما ذكر في شرائع إبراهيم الذي وفّى بما عاهد الله عليه ، وأتمّ ما أمر به .
{ أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } .
أي : لا تحمل نفس ذنوب نفس أخرى ، فكل نفس اكتسبت إثما بكفر أو معصية فعليها وزرها ، لا يحمله عنها أحد ، كما قال تعالى : { وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى . . . } ( فاطر : 18 )
كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره ، يأخذون الولي بالولي ، أي القريب بالقريب ، في القتل والجراحة ، فيُقتل الرجل بذنب أبيه وابنه ، وأخيه وعمّه ، وخاله وابن عمه ، والزوجة بزوجها ، وزوجها بها ، وبعبده ، فبلّغهم إبراهيم عن الله تعالى : ألا تزر نفس وزر أخرى .
أي : لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى .
قال تعالى : { كل امرئ بما كسب رهين } . ( الطور : 21 )
أي : الإنسان مرتهن بعمله ، إن كان شرّا عوقب عليه ، وإن كان خيرا كوفئ عليه .
ظهر ذلك جليّا في التزامه بتنفيذ جميع ما أمره به الله ، وترك ما نهاه الله عنه ، قال تعالى : { وإذِ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهنّ قال إني جاعلك للناس إماما . . . } ( البقرة : 124 ) .
وإبراهيم عليه 4السلام قد وفّى عندما أمره الله بذبح ولده إسماعيل ، وقد مدحه الله بقوله : { فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ } . ( الصافات : 103-109 ) .
وروى ابن أبي حاتم ، وابن جرير ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أخبركم لم سمّى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفى ؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ( 17 ) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ( 18 ) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } . ( الروم : 17-19 )
وقال تعالى : { ثم أوحينا إليك أن اتبع ملّة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين } . ( النحل : 123 ) .
وإنما خص القرآن ما جاء في صحف إبراهيم وموسى ، لأن المشركين كانوا يدَّعون أنهم على شريعة أبيهم إبراهيم ، وكانت لا تزال بقية مما جاء به إبراهيم معروفة بينهم ، كما أن أهل الكتاب كانوا يدَّعون أنهم متبعون ما في التوراة ، وصحفها قريبة العهد منهم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{ألا تزر وازرة وزر أخرى} يقول: لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"ألاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى "فإن من قوله: "ألاّ تَزِرُ" على التأويل الذي تأوّلناه في موضع خفض ردّا على «ما» التي في قوله "أمْ لَمْ يُنَبّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى" يعني بقوله: "ألاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" غيرها، بل كل آثمة فإنما إثمها عليها...
وإنما عُنِي بقوله: "ألاّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" الذي ضَمِن للوليد بن المغيرة أن يتحمل عنه عذاب الله يوم القيامة، يقول: ألم يُخْبَرْ قائل هذا القول، وضامن هذا الضمان بالذي في صحف موسى وإبراهيم مكتوب: أن لا تأثم آثمة إثم أخرى غيرها. "وأنْ لَيْسَ للإنْسانِ إلاّ ما سَعَى" يقول جلّ ثناؤه: أوَ لم يُنَبأ أنه لا يُجازى عامل إلاّ بعمله، خيرا كان ذلك أو شرّا...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{ألاّ تزِر وازرة وِزر أخرى} فيه أن هذا في الكتب كلها في صحف إبراهيم وموسى وغيرهما من الكتب: ألا يحتمل أحد وِزر آخر، إنما يحتمل وِزر نفسه...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
كأن قائلاً قال: وما في صحف موسى وإبراهيم، فقيل: أن لا تزر...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
«الوِزْرُ» في الأصل مأخوذ من «الوَزَرِ» على زنة خطر ومعناه المأوى أو الكهف أو الملجأ الجبلي، ثمّ استعلمت هذه الكلمة في الأعباء الثقيلة! لشباهتها الصخور الجبلية العظيمة، وأطلقت على الذنب أيضاً، لأنّه يترك عبئاً ثقيلا على ظهر الإنسان.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.