في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (18)

11

ثم يرسم تلك الصورة المبدعة المثيرة للسخرية والرجل يكد ذهنه ! ويعصر أعصابه ! ويقبض جبينه ! وتكلح ملامحه وقسماته . . كل ذلك ليجد عيبا يعيب به هذا القرآن ، وليجد قولا يقوله فيه :

( إنه فكر وقدر . فقتل ! كيف قدر ? ثم قتل ! كيف قدر ? ثم نظر . ثم عبس وبسر . ثم أدبر واستكبر . فقال : إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر ) . .

لمحة لمحة . وخطرة خطرة . وحركة حركة . يرسمها التعبير ، كما لو كانت ريشة تصور ، لا كلمات تعبر ، بل كما لو كانت فيلما متحركا يلتقط المشهد لمحة لمحة ! ! !

لقطة وهو يفكر ويدبر ومعها دعوة هي قضاء( فقتل ! )واستنكار كله استهزاء ( كيف قدر ? )ثم تكرار الدعوة والاستنكار لزيادة الإيحاء بالتكرار .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (18)

11

المفردات :

إنه فكر : إنه فكر ماذا يقول في شأن القرآن والرسول من الاختلاق .

وقدر : ورتب وهيّأ في نفسه قولا كاذبا في القرآن والنبيّ .

التفسير :

7- إنه فكّر وقدّر .

تأتي هذه الآيات كالتعليل لما سبقها ، أي أنه قد استحق العذاب بسبب مواقفه المعادية للإسلام .

فقد ثبت أنه قد مدح القرآن الكريم حين سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحين سمعه من أبي بكر الصديق ، فقالت قريش : صبأ والله الوليد ، ولئن صبأ الوليد لتصبأن قريش كلها ، فذهب إليه أبو جهل ، وحرّضه على أن يقف موقفا معاديا لمحمد صلى الله عليه وسلم وللقرآن الكريم ، فذهب إلى قومه وقال : تزعمون أن محمدا مجنون أو ساحر أو كذاب أو شاعر ، فهل جربتم عليه الجنون أو السحر أو الكذب أو الشعر ، قالوا : لا ، ثم قال قومه له : فماذا تقول أنت يا أبا الوليد ؟ فأخذ يعمل عقله ، ويعيد التفكير والتقدير مرارا ، حتى يقول قولا يخالف ضميره ، ويخالف مدحه السابق للقرآن ، ويتناسب مع إعراضه عن الحق بعد ظهوره له ، واستكباره من الهدى بعد أن لاحت بوادره ، فاتهم محمدا بالسّحر ، وأنه يفرّق بين المرء وقومه ، والمرء وزوجته ، والمرء وأخيه ، واتهم القرآن بأنه كلام البشر ، فاستحق الوليد عذاب الضمير في الدنيا ، وعذاب جهنم في الآخرة .

والمعنى :

إنه فكّر وقدّر .

إنه فكّر في أمر القرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وقدّر وزوّر كلاما في نفسه ، قد حضّره ليقوله عن القرآن ، عنادا ومكابرة .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (18)

{ إنه فكر } أي ردد فكره وأداره تابعا لهواه فيما يقوله طعنا في القرآن .

{ وقدر } أي وهيأ ما يقوله في نفسه فقال : " إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول للبشر " . يقال : قدرت الشيء أقدره ، إذا هيأته . وتقدر – بالتشديد : تهيأ .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (18)

وقدَّر : هيأ ما يريده .

إنه فكر وزوّر في نفسه كلاما في الطعنِ في القرآن بعدما سمعه وأعجبه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (18)

{ إِنَّهُ فَكَّرَ } [ أي : ] في نفسه { وَقَدَّرَ } ما فكر فيه ، ليقول قولا يبطل به القرآن .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (18)

قوله تعالى : " إنه فكر وقدر " يعني الوليد فكر في شأن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن و " قدر " أي هيأ الكلام في نفسه ، والعرب تقول : قدرت الشيء إذا هيأته ، وذلك أنه لما نزل : " حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم " [ غافر : 1 ] إلى قوله : " إليه المصير " سمعه الوليد يقرؤها فقال : والله لقد سمعت منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وما يقول هذا بشر . فقالت قريش : صبا الوليد لتصبون قريش كلها . وكان يقال للوليد ريحانة قريش ؛ فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه . فمضى إليه حزينا ؟ فقال له : مالي أراك حزينا . فقال له : ومالي لا أحزن وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام محمد ، وتدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما ، فغضب الوليد وتكبر ، وقال : أنا أحتاج إلى كسر محمد وصاحبه ، فأنتم تعرفون قدر مالي ، واللات والعزى ما بي حاجة إلى ذلك ، وإنما أنتم تزعمون أن محمدا مجنون ، فهل رأيتموه قط يخنق ؟ قالوا : لا والله ، قال : وتزعمون أنه شاعر ، فهل رأيتموه نطق بشعر قط ؟ قالوا : لا والله . قال : فتزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه كذبا قط ؟ قالوا : لا والله . قال : فتزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه تكهن قط ، ولقد رأينا للكهنة أسجاعا وتخالجا فهل{[15573]} رأيتموه كذلك ؟ قالوا : لا والله . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمى الصادق الأمين من كثرة صدقه . فقالت قريش للوليد : فما هو ؟ ففكر في نفسه ، ثم نظر ، ثم عبس ، فقال ما هو إلا ساحر ! أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ؟ فذلك قوله تعالى : " إنه فكر " أي في أمر محمد والقرآن " وقدر " في نفسه ماذا يمكنه أن يقول فيهما .


[15573]:تخلج المجنون في مشيته: تجاذب يمينا وشمالا.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (18)

ولما حصل التشوف إلى بعض ما عاند به الآيات ، قال مبيناً لذلك مؤكداً لاستبعاد العقلاء لما صنع لبعده عن الصواب ومعرفة كل ذي لب أنه كذب : { إنه } أي هذا العنيد { فكر } أي ردد{[69780]} فكره وأداره تابعاً لهواه لأجل الوقوع على شيء يطعن به في القرآن { وقدر* } أي أوقع تقديراً للأمور التي يطعن بها فيه وقايتها في نفسه ليعلم أيها أقرب {[69781]}إلى القبول{[69782]} . ولما كان تفكيره وتقديره قد أوقع غيره في الهلاك بمنعه من حياة الإيمان أصيب هو بما منعه{[69783]} من حياة نافعة في الدارين ، وذلك هو الهلاك{[69784]} الدائم .


[69780]:من ظ و م، وفي الأصل: رد.
[69781]:في ظ: للقبول.
[69782]:في ظ: للقبول.
[69783]:في ظ: يمنعه.
[69784]:من ظ و م، وفي الأصل: النعيم.