تحدث أخبارها : ما كان فيها من أعمال العباد من خير أو شر .
بأن ربك أوحى لها : تحدث بالأخبار بوحي من الله بما تقول .
4 ، 5- يومئذ تحدّث أخبارها* بأن ربك أوحى لها .
يومئذ تشهد أحوال الأرض وهيئاتها بأن الله أمرها أن تفعل ذلك ، وهو أمر تكويني .
قال تعالى : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون . ( يس : 82 ) .
فالحديث الذي تحدّثه الأرض وتشهد به يتم بلسان الحال لا بلسان المقال ، كما يقول إنسان : هذه الدار تخبرني أنها قريبة العهد بسكنى أهلها فيها ، لما يشاهد من آثار ذلك .
وقيل : إن الأرض تشهد بلسان أو بكلام أو دلالة تفيد ما وقع عليها ، فتشهد الأرض على القاتل والزاني ، كما تشهد الأماكن والمساكن للعابد والمتصدّق والمعلّم ، والآمر بالمعروف ، والناهي عن المنكر ، أي كما تشهد الجوارح على الإنسان ، تشهد الأرض بما فعله الإنسان عليها .
أخرج الإمام أحمد ، والترمذي ، والنسائي –واللفظ له- عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : يومئذ تحدّث أخبارها . ثم قال : ( أتدرون ما أخبارها ) ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، أن تقول : عمل كذا وكذا ، يوم كذا وكذا ، فهذه أخبارها )iii .
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب .
وقال الطبري : إن هذا تمثيل ، والمراد أنها تنطق بلسان الحال لا بلسان المقال .
{ يومئذ تحدث أخبارها } فيقول الإنسان : ما لها ، أي تخبر الأرض بما عمل عليها .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن أبي أيوب ، حدثنا يحيى بن سليمان ، عن سعيد بن المقبري ، عن أبي هريرة قال : " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { يومئذ تحدث أخبارها } قال : أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، تقول : عمل يوم كذا كذا وكذا ، قال : فهذه أخبارها " .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
تخبِر الأرض بما عمل عليها من خير أو شر.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
{ يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أخْبارَها } يقول : يومئذٍ تحدّث الأرض أخبارها . وتحديثها أخبارها ، على القول الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود ، أن تتكلم فتقول : إن الله أمرني بهذا ، وأوحى إليّ به ، وأذِن لي فيه ...
عن إسماعيل بن عبد الملك ، قال : سمعت سعيد بن جُبير يقرأ في المغرب مرّة : «يَوْمَئِذٍ تُنَبّئ أخْبارَها » ومرة : "تُحَدّثُ أخْبارَها" ، فكأنّ معنى تحدّث كان عند سعيد : تُنَبئ ، وتنبيئها أخبارَها : إخراجها أثقالها من بطنها إلى ظهرها . وهذا القول قول عندي صحيح المعنى ، وتأويل الكلام على هذا المعنى : يومئذٍ تبّين الأرض أخبارها بالزلزلة والرّجّة ، وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها ، بوحي الله إليها ، وإذنه لها بذلك ، وذلك معنى قوله : { بأنّ رَبّكَ أوْحَى لَهَا } ...
وقد ذُكر عن عبد الله أنه كان يقرأ ذلك : «يَوْمَئِذٍ تُنْبّئ أخْبارَها » وقيل : معنى ذلك أن الأرض تحدّث أخبارها مَنْ كان على ظهرها من أهل الطاعة والمعاصي ، وما عملوا عليها من خير أو شرّ ...
وقيل : عُنِي بقوله : { أوْحَى لَهَا } : أوحى إليها .
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
قيل : معناه يظهر بالدليل الذي يجعله الله فيها ما يقوم مقام إخبارها بأن أمر الدنيا قد انقضى ، وأمر الآخرة قد أتى ، وأنه لابد من الجزاء ، وأن الفوز لمن اتقى ، وأن النار لمن عصى ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
فإن قلت : ما معنى تحديث الأرض والإيحاء لها ؟ قلت : هو مجاز عن إحداث الله تعالى فيها من الأحوال ما يقوم مقام التحديث باللسان ، حتى ينظر من يقول { ما لها } إلى تلك الأحوال ، فيعلم لم زلزلت ، ولم لفظت الأموات ؟ وأنّ هذا ما كانت الأنبياء ينذرونه ويحذرون منه . وقيل : ينطقها الله على الحقيقة . وتخبر بما عمل عليها من خير وشرّ . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تشهد على كل أحد بما عمل على ظهرها " ....
أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :
وقوله : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا 4 } ، التحديث هنا صريح في الحديث وهو على حقيقته ، لأن في ذلك اليوم تتغير أوضاع كل شيء ، وتظهر حقائق كل شيء ، وكما أنطق الله الجلود ينطق الأرض ، فتحدث بأخبارها ....
{ يومئذ تحدث أخبارها } هذه عبارة عما يحدث فيها من الأهوال ، فهو مجاز ، وحديث بلسان الحال ، وقيل : هو شهادتها على الناس بما عملوا على ظهرها فهو حقيقة ، وتحدث يتعدى إلى مفعولين حذف المفعول منهما ، والتقدير تحدث الخلق أخبارها ، وانتزع بعض المحدثين من قوله : { تحدث أخبارها } أن قول المحدث : حدثنا وأخبرنا سواء ، وهذه الجملة هي جواب إذا زلزلت ، وتحدث هو العامل في إذا ، ويومئذ بدل من إذا ، ويجوز أن يكون العامل في إذا مضمر ، وتحدث عامل في يومئذ .
ولما طال الكلام وأريد التهويل ، أبدل من " إذا " قوله معرفاً للإنسان ما سأل عنه : { يومئذ } أي إذ كان ما ذكر من الزلزال ، وما لزم عنه ، ونصبه ، وكذا ما أبدل منه ، بقوله : { تحدث } أي الأرض بلسان الحال بإخراج ما في بطنها من الموتى والكنوز وغيرها على وجه يعلم الإنسان به لم زلزلت ولم أخرجت ، وأن الإنذار بذلك كان حقاً ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : تحدث بلسان المقال . { أخبارها * } أي التي زلزلت وأخرجت ما أخرجت لأجلها ، وكل شيء عمل عليها شهادة منها على العاملين ، فتقول : عمل فلان كذا وكذا - تعدد -حتى يود المجرم أنه يساق إلى النار لينقطع عنه تعداد ذلك الذي يلزم منه العار ، وتشهد للمؤمن بما عمل حتى يسره ذلك ، فيشهد للمؤذن كل ما امتد إليه صوته من رطب ويابس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.