يطوف عليهم : يدور عليهم للخدمة .
مخلدون : باقون على صفتهم ، لا يهرمون كأولاد الدنيا .
أكواب : آنية لا عرى لها ولا خراطيم .
أباريق : واحدها إبريق ، وهو إناء له عروة ( مقبض يمسك منه ) وخرطوم .
ودَعَوا بالصبوح يوما فجاءت *** به قينة في يمينها إبريق
كأس من معين : خمر جارية من العيون ، والمراد أنها لم تعصر كخمر الدنيا .
لا يصدعون عنها : لا يحصل لهم صداع بسببها ، كما يحدث ذلك من خمر الدنيا .
ولا ينزفون : لا تذهب عقولهم بسببها .
17 ، 18 ، 19- { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنْزِفُونَ } .
يطوف على السابقين المقربين من أهل الجنة ولدان يخدمونهم في غضاضة الصبا ، لا يشيبون ولا يهرمون ، بل هم باقون على طراوة الصّبية ، لا يتحولون عن ذلك ، وإلا فكل أهل الجنة مخلد لا يموت ، تحمل هذه الصبية في يديها أقداحا مستديرة الأفواه ، لا آذان لها ، ولا عرى ولا خراطيم ، وأباريق ذات عرى وخراطيم ، ويحملون كؤوسا مترعة من خمر الجنة الجارية من الينابيع والعيون ، ولا تعصر عصرا كخمر الدنيا ، فهي صافية نقيّة ، لا تتصدع رؤوسهم من شربها ، ولا يسكرون منها فتذهب عقولهم .
قال ابن عباس : في الخمر أربع خصال : السّكر ، والصداع ، والقيء ، والبول ، فذكر الله تعالى خمر الجنة ونزّهها عن هذه الخصال . أ . ه .
فخمر الجنة لذة بلا ألم ولا سكر ، بخلاف شراب الدنيا .
وقوله تعالى : { لاَ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا . . . لبيان نفي الضرر عن الأجسام } .
وقوله تعالى : { وَلاَ يُنْزِفُونَ } . لبيان نفي الضرر عن العقول .
قوله تعالى : " لا يصدعون عنها " أي لا تنصدع رؤوسهم من شربها ، أي إنها لذة بلا أذى بخلاف شراب الدنيا . " ولا ينزفون " تقدم في " والصافات " أي لا يسكرون فتذهب عقولهم . وقرأ مجاهد : " لا يصدعون " بمعنى لا يتصدعون أي لا يتفرقون ، كقوله تعالى : " يومئذ يصدعون{[14633]} " [ الروم : 43 ] . وقرأ أهل الكوفة " ينزفون " بكسر الزاي ، أي لا ينفد شرابهم ولا تقنى خمرهم ، ومنه قول الشاعر{[14634]} :
لعمري لئن أَنْزَفْتُم أوصحوتم *** لبئس النَّدَامَى كنتم آل أَبْجَرَا
وروى الضحاك عن ابن عباس قال : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيء والبول ، وقد ذكر الله تعالى خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال .
ولما أثبت نفعها وما يشوق إليها ، نفى ما ينفر عنها فقال : { لا يصدعون } أي تصدعاً يوجب المجاوزة { عنها } أي بوجع في الرأس ولا تفرق لملالة { ولا ينزفون * } أي يذهب بعقولهم بوجه من الوجوه أي يصرع شرابهم ، من نزفت البئر - إذا نزح ماؤها كله ، ونزف فلان : ذهب عقله أو سكر ، وبنى الفعلان للمجهول لأنه لم تدع حاجة إلى معرفة الفاعل ، وقال الرازي في اللوامع : قال الصادق : لا تذهل{[62097]} عقولهم عن موارد الحقائق عليهم ولا يغيبون عن مجالس المشاهدة بحال .