البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ} (19)

صدع القوم بالخمر : لحقهم الصداع في رؤوسهم منها . وقيل : صدعوا : فرقوا .

{ لا يصدعون عنها } ، قال الأكثرون : لا يلحق رؤوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا .

وقرأت على أستاذنا العلامة أبي جعفر بن الزبير ، رحمه الله تعالى ، قول علقمة في صفة الخمر :

تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبها *** ولا يخالطها في الرأس تدويم

فقال : هذه صفة أهل الجنة .

وقيل : لا يفرقون عنها بمعنى : لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب ، كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق ، كما جاء : فتصدع السحاب عن المدينة : أي فتفرق .

وقرأ مجاهد : لا يصدعون ، بفتح الياء وشد الصاد ، أصله يتصدعون ، أدغم التاء في الصاد : أي لا يتفرقون ، كقوله : { يومئذٍ يصدعون } والجمهور ؛ بضم الياء وخفة الصاد .

والجمهور : { ولا ينزفون } مبنياً للمفعول .

قال مجاهد وقتادة وجبير والضحاك : لا تذهب عقولهم سكراً ؛ وابن أبي إسحاق : بفتح الياء وكسر الزاي ، نزف البئر : استفرغ ماءها ، فالمعنى : لا تفرغ خمرهم .

وابن أبي إسحاق أيضاً وعبد الله والسلمي والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى : بضم الياء وكسر الزاي : أي لا يفنى لهم شراب ،