قوله : { لاَّ يُصَدَّعُونَ } .
يجوز أن تكون مستأنفة ، أخبر عنهم بذلك .
وأن تكون حالاً من الضمير في «عليهم » .
ومعنى { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا } أي : بسببها .
قال الزمخشري{[54782]} : وحقيقته لا يصدر صداعهم عنها .
والصُّدَاع ؛ هو الداء المعروف الذي يلحق الإنسان في رأسه ، والخمر تؤثر فيه .
قال علقمةُ بن عبدة في وصف الخمر : [ البسيط ]
تَشْفِي الصُّدَاعَ ولا يُؤذيكَ حَالبُهَا *** ولا يُخالِطُهَا في الرَّأسِ تدويمُ{[54783]}
قال أبو حيان{[54784]} : هذه صفة خمر أهل الجنة ، كذا قال الشيخ أبو جعفر بن الزبير لما قرأت هذا الدِّيوان عليه .
والمعنى لا يتصدع رءوسهم من شربها ، أي : أنها لذة بلا أذى ، بخلاف شراب الدنيا .
وقيل : «لا يُصدَّعون » لا يتفرَّقُون كما يتفرق الشرب من الشراب للعوارض الدنيوية ، ومن مجيء «تصدع » بمعنى : تفرق ، قوله : فتصدع السحاب عن المدينة ، أي : تفرق .
ويرجحه قراءة مجاهد{[54785]} : «لا يَصَّدعون » بفتح الياء وتشديد الصاد .
والأصل : «لا يتصدعون » أي : لا يتفرقون ، كقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] .
وحكى الزمخشري{[54786]} قراءة ، وهي : «لا يُصدِّعُون » بضم الياء ، وتخفيف الصَّاد ، وكسر الدَّال مشددة .
قال : «أي لا يصدع بعضهم بعضاً ، لا يفرقونهم » .
تقدم الخلاف بين السبعة في «يُنْزِفُون » ، وتفسيره في «والصّافات » .
وقرأ ابن{[54787]} إسحاق : بفتح الياء وكسر الزاي من نزف البئر ، إذا استقى ما فيها .
لَعَمْرِي لَئِنْ أنْزَفْتُمُ أو صَحَوْتُمُ *** لَبِئْسَ النَّدامَى كُنْتُم آل أبْجَرَا{[54788]}
وقال أبو حيان{[54789]} : «وابن أبي إسحاق وعبد الله والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى : بضم الياء وكسر الزاي ، أي : لا يقيء شرابهم » .
قال شهاب الدين{[54790]} : وهذا عجيب منه فإنه قد تقدم في «الصَّافات » أنَّ الكوفيين يقرءون في «الواقعة » بكسر الزاي ، وقد نقل هو هذه القراءة في قصيدته .
وروى الضحاك عن ابن عباس قال : في الخمر أربع خصال : السُّكر ، والصُّداع ، والقَيء ، والبَوْل ، وقد نزّه الله - تعالى - خمر الجنة عن هذه الخصال{[54791]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.