في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ} (52)

وكأنما كانت هذه الإشارة إلى آية السماء وآية الأرض وآية الخليقة استطرادا مع آيات الرسالات والرسل . فلما انتهت جاء التعقيب على قصص الرسل التي سلفت في السياق :

( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا : ساحر أو مجنون . أتواصوا به ? بل هم قوم طاغون . فتول عنهم فما أنت بملوم . وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) . .

فهي جبلة واحدة وطبيعة واحدة للمكذبين ؛ وهو استقبال واحد للحق وللرسل يستقبلهم به المنحرفون : ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا : ساحر أو مجنون ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ} (52)

*ختام سورة الذاريات

{ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ( 52 ) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ( 53 ) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ( 54 ) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ( 55 ) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ( 56 ) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ( 57 ) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ( 58 ) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ ( 59 ) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ( 60 ) } .

52

التفسير :

52- { كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } .

إذا كان أهل مكة في تكذيب لك يا محمد ، وعداء للإسلام ، فإن جميع المرسلين قبلك قد لقوا من أقوامهم العناد والتكذيب ، وكان الاتهام يتوجّه من الكافرين للرسل ، بقولهم : إن معجزاتهم سحر وذكاء ، وليست خارقة من الله ، أو يقولون عن الرسول : هو مجنون مختلّ ، وربما جمعوا للرسول الصفتين فقالوا : هو ساحر ومجنون ، والمراد جموع المكذبين ، أمَّا القليل منهم فقد آمنوا .

قال تعالى عن نوح عليه السلام : { وما آمن معه إلا قليل . } ( هود : 40 ) .

وقريب من ذلك ما ورد في سورة إبراهيم من ألوان تكذيب المكذبين للرسل مثل : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ . } ( إبراهيم : 13 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ} (52)

كذلك شأن الأمم مع رسلهم ، ما جاء رسولٌ إلى قومه إلا قالوا عنه ساحر أو مجنون .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ} (52)

شرح الكلمات :

{ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول } : أي الأمر كذلك ما أتى الذين من قبل قومك يا محمد من رسول .

{ إلا قالوا ساحر أو مجنون } : أي أتواصت الأمم كل أمة توصى التي بعدها بقولهم للرسول هو ساحر أو مجنون ، والجواب ، لا أي لم يتواصوا بل هم قوم طاغون يجمعهم على قولهم هذا الطغيان .

المعنى :

بعد عرض تلك الأدلة المقررة للتوحيد والبعث والمستلزمة للرسالة المحمدية والمشركون ما زالوا في إصرارهم على الكفر والتكذيب قال تعالى مسلياً رسوله مخففاً عنه ما يجده من إعراضٍ ، وتكذيب : { كذلك } أي الأمر والشأن كذلك وهو أنه ما أتى الذين من قبلهم أي من قبل قومك من رسول إلا قالوا فيه هو ساحر أو مجنون كما قال قومك لك اليوم .

الهداية

من الهداية :

- بيان سنة بشرية وهي التكذيب والاتهام بالباطل وقلب الحقائق لكل من جاءهم يدعوهم إلى خلاف مألوفيهم وما اعتادوه من باطلٍ وشرٍ فيدفعون بالقول فإذا أعياهم ذلك دفعوا بالفعل وهى الحرب والقتال .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ} (52)

{ 52-53 } { كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ }

يقول الله مسليًا لرسوله صلى الله عليه وسلم عن تكذيب المشركين بالله ، المكذبين له ، القائلين فيه من الأقوال الشنيعة ، ما هو منزه عنه ، وأن هذه الأقوال ، ما زالت دأبًا وعادة للمجرمين المكذبين للرسل فما أرسل الله من رسول ، إلا رماه قومه بالسحر أو الجنون .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ} (52)

قوله تعالى : " كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول " هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي كما كذبك قومك وقالوا ساحر أو مجنون ، كذب من قبلهم وقالوا مثل قولهم . والكاف من " كذلك " يجوز أن تكون نصبا على تقدير أنذركم إنذارا كإنذار من الرسل الذين أنذروا قومهم ، أو رفعا على تقدير الأمر كذلك أي كالأول . والأول تخويف لمن عصاه من الموحدين ، والثاني لمن أشرك به من الملحدين . والتمام على قوله : " كذلك " عن يعقوب وغيره .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ} (52)

ولما ذكر قولهم المختلف الذي منه تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم ونسبته إلى السحر والجنون وغير ذلك من الفنون ، ومنه الإشراك مع اعترافهم{[61448]} بأنه لا خالق إلا الله ولا كاشف ضر غيره إلى غير ذلك من أنواع الاضطراب ، وأخبر بهلاكتهم{[61449]} على ذلك وحذرهم منه ودل عليه إلى أن ختم بإنذار من اتخذ إلهاً غيره قال مسلياً : { كذلك } أي مثل{[61450]} قول قومك المختلف العظيم الشناعة ، البعيد من الصواب ، بما له من الاضطراب ، وقع لمن قبلهم ، ودل على هذا المقدر بقوله مستأنفاً : { ما أتى الذين } ولما كان الرسل إنما كان إرسالهم في بعض الأزمان الماضية ولم يستغرقوا جميعها بالفعل ، أثبت الجارّ في قوله : { من قبلهم } وعمم النفي بقوله : { من رسول } أي من عند الله { إلا قالوا } ولو بعضهم برضا الباقين : { ساحر أو مجنون * } لأن الرسول يأتيهم بمخالفة مألوفاتهم التي قادتهم إليها أهواؤهم ، والهوى هو الذي أوجب لهم هذا التناقض الظاهر سواء كانت " أو " للتفصيل بأن بعضهم قال واحداً وبعضهم قال آخر ، أو كانت للشك لأن الساحر يكون لبيباً فطناً آتياً بما يعجز عنه كثير من الناس ، والمجنون بالضد من ذلك ،


[61448]:من مد، وفي الأصل: الاعتراف.
[61449]:من مد، وفي الأصل: عدلا لهم.
[61450]:زيد في الأصل: قوله، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.