ثم تعلو نبرة العتاب وتشتد لهجته ؛ وينتقل إلى التعجيب من ذلك الفعل محل العتاب : أما من استغنى ، فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى ? ! وأما من جاءك يسعى وهو يخشى ، فأنت عنه تلهى ? ! . . أما من أظهر الاستغناء عنك وعن دينك وعما عندك من الهدى والخير والنور والطهارة . . أما هذا فأنت تتصدى له وتحفل أمره ، وتجهد لهدايته ، وتتعرض له وهو عنك معرض !
تصدى : تتعرض له بالإقبال عليه .
5 ، 6 ، 7- أما من استغنى* فأنت عنه تصدّى* وما عليك ألاّ يزّكّى .
أما من استغنى عنك ، بثروته وماله وجاهه ، وأعرض عن الإسلام والقرآن وداعية الإيمان ، فأنت تتعرض له ، متشاغلا بالتصدّي له ودعوته للإسلام ، وليس عليك هدايته ، ولا يضيرك عدم إيمانه ، ولا شيء عليك في ألا يتطهر من الكفر ، لأنك رسول مبلّغ عن الله ، ليس عليك هداهم ، إن عليك إلا البلاغ .
ويقول الآلوسي في تفسيره : والممنوع عنه في الحقيقة الإعراض عمن أسلم ، لا الإققبال على غيره ، والاهتمام بأمره حرصا على إسلامه .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
فأنت له تتعرّض، رجاء أن يُسلِم...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
فالتصدي: هو التعرض للشيء كتعرض العطشان للماء.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
تتعرض بالإقبال عليه، والمصاداة: المعارضة...
ومعناه: يدعوك داع إلى التصدي له: من الحرص والتهالك على إسلامه...
قال الزجاج: أي أنت تقبل عليه وتتعرض له وتميل إليه، يقال تصدى فلان لفلان، يتصدى إذا تعرض له...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{فأنت له} أي دون الأعمى {تصدى} أي تتعرض بالإقبال عليه والاجتهاد في وعظه رجاء إسلامه وإسلام أتباعه بإسلامه...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والإِتيان بضمير المخاطب مُظهراً قبلَ المسند الفعلي دون اسْتِتاره في الفعل يجوز أن يكون للتقوي كأنه قيل: تتصدى له تصدياً، فمناط العتاب هو التصدي القوي. ويجوز أن يكون مفيداً للاختصاص، أي فأنت لا غيرُك تَتَصدّى له، أي ذلك التصدّي لا يليق بك. وهذا قريب من قولهم: مثلُك لا يبخل، أي لو تصدّى له غيرك لكان هَوناً، فأما أنت فلا يتَصدى مثلك لمثله فمناط العتاب هو أنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم في جليل قدره...
{ فأنت له } أي دون الأعمى { تصدى * } أي تتعرض بالإقبال عليه والاجتهاد في وعظه رجاء إسلامه وإسلام أتباعه بإسلامه وهم عتبة بن ربيعة وأبو جهل وأبي و{[71603]} أمية ابنا خلف ، وأشار{[71604]} حذف تاء التفعل في قراءة الجماعة وإدغامها في قراءة نافع وابن كثير إلى-{[71605]} أن ذلك كان على وجه خفيف كما هي عادة العقلاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.