عربا : واحدتهن عروب كصبور ، وهي حسنة التودد لزوجها .
عُرُبا : جمع عروب وهي المتحببة لزوجها ، العاشقة له .
قال مجاهد : هن العاشقات لأزواجهن ، المتحببات لهم ، اللواتي يشتهين أزواجهن .
أترابا : أي مستويات في السن مع أزواجهن ، في سن ثلاث وثلاثين سنة .
أخرج الترمذي ، عن معاذ مرفوعا : " يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا ، مكحلين ، أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين " . والمراد بذلك تمام الشباب وكماله .
36- وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا* عُرُبًا أَتْرَابًا } .
فقال : " يا أم سلمة ، هن اللواتي قُبضن في الدنيا عجائز ، شمطا ، عمشا ، رمصا ، جعلهن الله بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد في الاستواء " . أخرجه الترمذي عن أنس مرفوعا .
وأخرج الترمذي في الشمائل أن امرأة عجوزا جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، ادع الله أن يدخلني الجنة ، فقال : " يا أم فلان ، إن الجنة لا تدخلها عجوز " ، فولّت تبكي ، فقال : " أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، فإن الله تعالى يقول : { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا } .
وقيل : أترابا : أي : مستويات في حسن الخُلق ، وكريم الطباع ، لا تباغض بينهن ولا تحاسد ، يألفن ويُؤلفن .
وعموم ذلك ، يشمل الحور العين ونساء أهل الدنيا ، وأن هذا الوصف -وهو البكارة- ملازم لهن في جميع الأحوال ، كما أن كونهن { عُرُبًا أَتْرَابًا } ملازم لهن في كل حال ، والعروب : هي المرأة المتحببة إلى بعلها بحسن لفظها ، وحسن هيئتها ودلالها وجمالها [ ومحبتها ] ، فهي التي إن تكلمت سبت العقول ، وود السامع أن كلامها لا ينقضي ، خصوصا عند غنائهن بتلك الأصوات الرخيمة والنغمات المطربة ، وإن نظر إلى أدبها وسمتها ودلها ملأت قلب بعلها فرحا وسرورا ، وإن برزت{[967]} من محل إلى آخر ، امتلأ ذلك الموضع منها ريحا طيبا ونورا ، ويدخل في ذلك الغنجة عند الجماع .
والأتراب اللاتي على سن واحدة ، ثلاث وثلاثين سنة ، التي هي غاية ما يتمنى ونهاية سن الشباب ، فنساؤهم عرب أتراب ، متفقات مؤتلفات ، راضيات مرضيات ، لا يحزن ولا يحزن ، بل هن أفراح النفوس ، وقرة العيون ، وجلاء الأبصار .
قوله تعالى : { عربا } قرأ حمزة وإسماعيل عن نافع وأبو بكر :{ عربا } ساكنة الراء ، والباقون بضمها وهي جمع عروب أي : عواشق محببات إلى أزواجهن . قال الحسن ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير ، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس . وقال عكرمة عنه : ملقة . وقال عكرمة : غنجة . وقال أسامة بن زيد عن أبيه : { عربا } حسنات الكلام . { أترابا } مستويات في السن على سن واحد .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا شيبة ، أنبأنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يدخل أهل الجنة الجنة جرداً مزداً بيضاً جعاداً مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين ، على خلق آدم طوله ستون ذراعاً في سبعة أذرع " .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد ابن الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك عن رشد بن سعد ، حدثني عمرو بن الحارث عن دراج أبي السمح عن أبي السمح ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة ، وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية إلى صنعاء " وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ينظر إلى وجهه في خدها اصفى من المرآة ، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب ، وإنه ليكون عليها سبعون ثوبا ينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك " . وبهذا الإسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير يردون أبناء ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبداً ، وكذلك أهل النار " وبهذا الإسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن عليهم التيجان ، إن أدنى لؤلؤة فيها تضيء ما بين المشرق والمغرب " .
أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا أبو طاهر الحاربي ، أنبأنا محمد ابن يعقوب ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، أنبأنا عبد لله بن المبارك عن محمد بن سليمان عن الحجاج بن عتاب العبدي عن عبد الله بن معبد الرماني ، عن أبي هريرة قال : " أدنى أهل الجنة منزلة وما منهم دنيء لمن يغدو عليه ويروح عشرة آلاف خادم ، مع كل واحد منهم طريفة ليست مع صاحبه " .
ولما كان مما{[62118]} جرت به العادة أن البكر تتضرر من الزوج لما يلحقها من الوجع بإزالة البكارة ، دل على أنه لا نكد هناك أصلاً بوجع ولا غيره بقوله : { عرباً } جمع عروب ، وهي الغنجة المتحببة إلى زوجها ، قال الرازي في اللوامع : الفطنة بمراد الزوج كفطنة العرب . ولما كان الاتفاق في السن أدعى إلى المحبة ومزيد الألفة قال : { أتراباً * } أي على سن واحدة وقد واحد ، بنات ثلاث وثلاثين سنة{[62119]} وكذا أزواجهن . قال الرازي في اللوامع : أخذ من لعب الصبيان بالتراب - انتهى ، " وروى البغوي{[62120]} من طريق عبد بن حميد عن الحسن : قال أتت عجوز{[62121]} النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! ادع {[62122]}الله أن يدخلني{[62123]} الجنة ، فقال : " يا أم فلان ! إن{[62124]} الجنة لا تدخلها عجوز ، فولت تبكي ، قال : أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، إن الله تعالى يقول : إنا أنشأناهن ، الآية " رواه الترمذي عنه في الشمائل هكذا مرسلاً ، ورواه البيهقي في كتاب البعث عن عائشة رضي الله عنها والطبراني في الأوسط من وجه عنها ، ومن وجه آخر عن أنس رضي الله عنه ، قال شيخنا حافظ عصره ابن حجر : وكل طرقه ضعيفة ، وروى البغوي{[62125]} أيضاً من طريق الثعلبي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية قال : " عجائزكن في الدنيا عمشاً رمصاً فجعلهن أبكاراً " .
قوله : { عربا أترابا } عربا ، أي متحببات إلى أزواجهن بالظرافة والملاحة والرشاقة والأناقة . وأترابا ، أي على ميلاد واحد ، فهن مستويات في السن . فقد روي أن عجوزا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ادع الله تعالى أن يدخلني الجنة فقال : " إن الجنة لا تدخلها عجوز " فولت تبكي . فقال : " أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول : { إن أنشأناهن إنشاء 35 فجعلناهن أبكارا } " .