ثم يعقب على هذه الصفات الذاتيه بموقفه من آيات الله ، مع التشنيع بهذا الموقف الذي يجزي به نعمة الله عليه بالمال والبنين :
( أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال : أساطير الأولين ) . .
وما أقبح ما يجزي إنسان نعمة الله عليه بالمال والبنين ؛ استهزاء بآياته ، وسخرية من رسوله ، واعتداء على دينه . . وهذه وحدها تعدل كل ما مر من وصف ذميم .
14- إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين .
إذا قرئ عليه القرآن رفض الإيمان والتصديق به ، وقال : إنه أكاذيب السابقين التي دوّنت في الكتب ، وليس من كلام الله .
وفي هذا المعنى قوله تعالى : ذرني ومن خلقت وحيدا* وجعلت له مالا ممدودا* وبنين شهودا* ومهّدت له تمهيدا* ثم يطمع أن أزيد* كلا إنه كان لآياتنا عنيدا* سأرهقه صعودا* إنه فكّر وقدّر* فقتل كيف قدّر* ثم قتل كيف قدّر* ثم نظر* ثم عبس وبسر* ثم أدبر واستكبر* فقال إن هذا إلا سحر يؤثر* إن هذا إلا قول البشر . ( المدثر : 11-25 ) .
لقد أعطاه الله المال والبنين ، فجعل الكفر مكان الشكر ، وكذب بآيات الله ، وقال : إنها أكاذيب السابقين .
{ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ }طغى واستكبر عن الحق ، ودفعه حين جاءه ، وجعله من جملة أساطير الأولين ، التي يمكن صدقها وكذبها- فإنها عامة في كل من اتصف بهذا الوصف ، لأن القرآن نزل لهداية الخلق كلهم ، ويدخل فيه أول الأمة وآخرهم ، وربما نزل بعض الآيات في سبب أو في شخص من الأشخاص ، لتتضح به القاعدة العامة ، ويعرف به أمثال الجزئيات الداخلة في القضايا العامة .
{ إذا تتلى } أي تذكر على سبيل المتابعة { عليه } ولو كان ذلك{[67500]} على سبيل الخصوص له{[67501]} { آياتنا } أي العلامات{[67502]} الدالة دلالة في غاية الظهور على الملك الأعلى ، وعلى ما له من صفات العظمة ، { قال } أي فاجأ هذا القول من غير تأمل ولا توقف عوضاً{[67503]} عن الشكر ، ف " إن " مع جاره متعلق بما دل عليه الكلام ، نحو كذب لأجل كونه متمكناً ، ولا يتعلق بقال لأنه جزاء الشرط ، ويجوز أن يتعلق بلا تطع ، أي لا توجد طاعته لأجل{[67504]} إن كان كذا ، وقرىء بالكسر على أنها شرطية ، فيكون النهي عن طاعته لعلة الغنى ، مفهماً للنهي عن طاعته عند الوصف بغيره من باب الأولى ، كالتعليل بإملاق في الوأد : { أساطير } جمع سطور جمع سطر { الأولين * } أي أشياء سطروها ودونوها ، وفرغوا منها ، فحمله دنيء طبعه على تكبره{[67505]} بالمال ، فورطه في التكذيب بأعظم ما يمكن سماعه ، فجعل الكفر موضع الشكر ، ولم يستح من كونه يعرف كذبه كل من يسمعه ، فأعرض عن الشكر ووضع موضعه الكفر ، فكان هذا دليلاً على جميع تلك الصفات السابقة ، مع التعليل بالإسناد إلى ما هو عند العاقل {[67506]}أوهم و{[67507]}أوهى من بيت العنكبوت ، والإستناد إليه وحده كاف في الاتصاف بالرسوخ في الدناءة ، ولا يعمل في " أن قال " بل ما دل عليه ، لأن ما في حيز الشرط لا يعمل فيما قبله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.