في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كِرَامٗا كَٰتِبِينَ} (11)

ولما كان جو السورة جو كرم وكرامة ، فإنه يذكر من صفة الحافظين كونهم . . ( كراما ) . . ليستجيش في القلوب إحساس الخجل والتجمل بحضرة هؤلاء الكرام . فإن الإنسان ليحتشم ويستحيي وهو بمحضر الكرام من الناس أن يسف أو يتبذل في لفظ أو حركة أو تصرف . . فكيف به حين يشعر ويتصور أنه في كل لحظاته وفي كل حالاته في حضرة حفظة من الملائكة( كرام )لا يليق أن يطلعوا منه إلا على كل كريم من الخصال والفعال ? !

إن القرآن ليستجيش في القلب البشري أرفع المشاعر بإقرار هذه الحقيقة فيه بهذا التصور الواقعي الحي القريب إلى الإدراك المألوف . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كِرَامٗا كَٰتِبِينَ} (11)

المفردات :

كراما : ذوي أفعال طاهرة ومحمودة ، ومحاسن كبيرة .

التفسير :

11- كراما كاتبين .

هم كرام على الله ، أصحاب منزلة رفيعة ، ومكانة عظيمة ، ومحاسن جمّة ، وهم يكتبون كل ما يصدر عنكم ، ويسجّلونه في صحائف أعمالكم .

والإنسان يستحيي من الرجل الكريم ، أن يعمل أمامه عملا شائنا ، فما بالك بملك كريم ، يسجّل عليك ما تفعل ، ويكتب حسناتك وسيئاتك ، وملك الحسنات على العاتق الأيمن ، وملك السيئات على العاتق الأيسر ، والأول أمين على الثاني ، فلا يمكّنه من كتابة السيئة إلا بعد مضيّ ست ساعات من غير مكفّر لها .

ويكتبان كل شيء ، حتى الاعتقاد والعزم ، وحتى الأنين في المرض ، ويفارقان المكلّف عند الجماع ، وعد الاغتسال ، وعند دخول الخلاء .

أخرج البزار ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله ينهاكم عن التعرّي ، فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى ثلاث حالات : الغائط ، والجنابة ، والغسل ) .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كِرَامٗا كَٰتِبِينَ} (11)

" كراما " أي علي . كقوله : " كرام بررة " [ عبس : 16 ] . وهنا ثلاث مسائل :

الأولى : روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين : الخراءة{[15839]} أو الجماع ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم [ حائط ]{[15840]} أو بغيره ، أو ليستره أخوه ) . وروي عن علي رضي الله عنه قال : ( لا يزال الملك موليا عن العبد ما دام بادي العورة ) وروي ( إن العبد إذا دخل الحمام بغير مئزر لعنه ملكاه ) .

الثانية : واختلف الناس في الكفار هل عليهم حفظة أم لا ؟ فقال بعضهم : لا ؛ لأن أمرهم ظاهر ، وعملهم واحد . قال الله تعالى : " يعرف المجرمون بسيماهم " [ الرحمن : 41 ] . وقيل : بل عليهم حفظة ؛ لقوله تعالى : " كلا بل تكذبون بالدين . وإن عليكم لحافظين . كراما كاتبين . يعلمون ما تفعلون " [ الانفطار : 9 - 12 ] . وقال : " وأما من أوتي كتابه بشمال " [ الحاقة : 25 ] وقال : " وأما من أوتي كتابه وراء ظهره " [ الإنشقاق :10 ] ، فأخبر أن الكفار يكون لهم كتاب ، ويكون عليهم حفظة . فإن قيل : الذي على يمينه أي شيء يكتب ولا حسنة له ؟ قيل له : الذي يكتب عن شماله يكون بإذن صاحبه ، ويكون شاهدا على ذلك وإن لم يكتب . والله أعلم .


[15839]:في أ، ب، ح، ط، ل: الخزاية، ورواية روح المعاني (حـ 9 ص 317): لا يفارقونكم إلا عند إحدى الغائط، والجنابة، والغسل.
[15840]:الزيادة من الدر المنثور وفيه سبب ورود الحديث أنه عليه السلام رأى رجلا يغتسل بفلاة من الأرض . . . الخ.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كِرَامٗا كَٰتِبِينَ} (11)

ولما أثبت لهم الحفظ ، نزههم عن الزيادة والنقص فقال : { كراماً } أي فهم في غاية ما يكونون من طهارة الأخلاق {[72057]}والعفة والأمانة{[72058]} .

ولما ثبت{[72059]} الحفظ والأمانة بغاية الإبانة{[72060]} ، وكان الحافظ ربما ينسى قال : { كاتبين * } أي هم راسخون في وصف الكتابة يكتبونها في الصحف كما يكتب الشهود بينكم العهود ليقع الجزاء على غاية التحرير .


[72057]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72058]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72059]:من ظ و م، وفي الأصل: أثبت.
[72060]:من ظ و م، وفي الأصل: الإنابة.