في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (48)

43

ويشتد الإيقاع الثالث وتقصر خطاه :

( قل : إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب ) . .

وهذا الذي جئتكم به هو الحق . الحق القوي الذي يقذف به الله . فمن ذا يقف للحق الذي يقذف به الله ? إنه تعبير مصور مجسم متحرك . وكأنما الحق قذيفة تصدع وتخرق وتنفذ ولا يقف لها أحد في طريق . . يقذف بها الله ( علاّم الغيوب )فهو يقذف بها عن علم ، ويوجهها على علم ، ولا يخفى عليه هدف ، ولا تغيب عنه غاية ، ولا يقف للحق الذي يقذف به معترض ولا سد يعوق . فالطريق أمامه مكشوف ليس فيه مستور !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (48)

{ قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب } .

التفسير :

إن الله تعالى يرسل رسالته ويختار لها من يشاء من عباده وهو عالم بمن يصلح لهذه الرسالة .

قال تعالى : { يلقي الروح من أكره على من يشاء من عباده } . ( غافر : 15 ) .

وقال ابن عباس :

يقذف الباطل بالحق كقوله تعالى : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق } . . . ( الأنبياء : 18 ) .

وقيل في معنى الآية :

إن الله يرسل الإسلام إلى أقطار الأفاق فيكون وعدا بإظهار الإسلام ونشره وهو سبحانه علام الغيوب وفي الحديث الشريف : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز أو بذل ذليل " . xxi

وقد أنجز الله وعده فامتد نور الإسلام إلى آفاق المعمورة ولم تمض عشر سنوات على وفات الرسول صلى الله عليه وسلم حتى كان خلفائه يفتحون فارس والروم ومصر وينشرون دين الله في المشارق والمغرب .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (48)

قوله تعالى : " قل إن ربي يقذف بالحق " أي يبين الحجة ويظهرها . قال قتادة : بالحق بالوحي . وعنه : الحق القرآن . وقال ابن عباس : أي يقذف الباطل بالحق علام الغيوب . وقرأ عيسى بن عمر " علام الغيوب " على أنه بدل ، أي قل إن ربي علام الغيوب يقذف بالحق . قال الزجاج : والرفع من وجهين على الموضع ؛ لأن الموضع موضع رفع ، أو على البدل مما في يقذف . النحاس : وفي الرفع وجهان آخران : يكون خبرا بعد خبر ، ويكون على إضمار مبتدأ . وزعم الفراء أن الرفع في مثل هذا أكثر في كلام العرب إذا أتى بعد خبر " إن " ومثله " إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " {[13076]} [ ص : 64 ] وقرئ : " الغيوب " بالحركات الثلاث ، فالغيوب كالبيوت{[13077]} ، والغيوب كالصبور ، وهو الأمر الذي غاب وخفي جدا .


[13076]:راجع ج 15 ص 225.
[13077]:عبارة روح المعاني:"...الغيوب (بالكسر) كالبيوت". وعبارة البحر:"...أما الضم فجمع غيب، وأما الكسر فكذلك استثقلوا ضمتين والواو فكسروا لتناسب الكسر مع الياء والضمة التي على الياء مع الواو، وأما الفتح فمفعول للمبالغة كالصبور".