قوله : { يَقْذِفُ بِالْحَقِّ } : يجوزُ أَنْ يكونَ مفعولُه محذوفاً ؛ لأنَّ القَذْفَ في الأصلِ الرَّمْيُ . وعَبَّر به هنا عن الإِلقاءِ أي : يُلْقي الوحيَ إلى أنبيائِه بالحقِّ . أي : بسبب الحق ، أو مُلْتَبِساً بالحقِّ . ويجوزُ أَنْ يكونَ التقديرُ : يَقْذِفُ الباطِلَ بالحقِّ أي : يَدْفَعُه ويَطْرَحُه به ، كقوله : { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ } [ الأنبياء : 18 ] . ويجوزُ أَنْ تكونَ الباءُ زائدةً ، أي : يُلقي الحقَّ كقوله : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } [ البقرة : 195 ] ، أو يُضَمَّنُ " يقْذِفُ " معنى يَقْضي ويَحْكُمُ .
قوله : " عَلاَّمُ الغيوبِ " العامَّةُ على رفعه . وفيه أوجهٌ ، أظهرُها : أنه خبرٌ ثانٍ ل " إنَّ " ، أو خبرُ مبتدأ مُضْمرٍ ، أو بدلٌ من الضمير في " يَقْذِفُ " ، أو نعتٌ له على رأي الكسائي ؛ لأنه يُجيز نعتَ الضميرِ الغائبِ ، وقد صَرَّح به هنا . وقال الزمخشريُّ : " رَفْعٌ على محلِّ " إنَّ " واسمِها ، أو على المستكنِّ في " يَقْذِفُ " . قلتُ : يعني بقولِه : " محمولٌ على مَحَلِّ إنَّ واسمِها " يعني به النعتَ ، إلاَّ أنَّ ذلك ليس مذهبَ البصريين ، لم يَعْتبروا المحلَّ إلاَّ في العطفِ بالحرف بشروطٍ عند بعضِهم . ويريدُ بالحَمْل على الضمير في " يَقْذِفُ " أنَّه بدلٌ منه ، لاَ أنه نعتٌ له ؛ لأنَّ ذلك انفرد به الكسائيُّ . وزيد بن علي وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق بالنصب نعتاً لاسم " إنَّ " أو بدلاً منه على قلةِ الإِبدالِ بالمشتق أو منصوبٌ على المدح .
وقرئ " الغيوبِ " بالحركاتِ الثلاثِ في الغين . فالكسرُ والضمُّ تقدَّما في " بيوت " وبابِه ، وأمَّا الفتحُ فصيغةُ مبالغةٍ كالشَّكور والصَّبور ، وهو الشيءُ الغائبُ الخفيُّ جداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.