فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (48)

{ قُلْ إِنَّ رَبّى يَقْذِفُ بالحق } القذف الرمي بالسهم والحصى والكلام . قال الكلبي : يرمي على معنى : يأتي به ، وقال مقاتل : يتكلم بالحق ، وهو القرآن والوحي ، أي يلقيه إلى أنبيائه . وقال قتادة { بالحق } أي بالوحي ، والمعنى : أنه يبين الحجة ، ويظهرها للناس على ألسن رسله ، وقيل : يرمي الباطل بالحق فيدمغه { علام الغيوب } قرأ الجمهور برفع { علام } على أنه خبر ثانٍ لإنّ ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو بدل من الضمير في يقذف ، أو معطوف على محل اسم إن . قال الزجاج : الرفع من وجهين على الموضع ، لأن الموضع موضع رفع ، أو على البدل . وقرأ زيد بن علي ، وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق بالنصب نعتاً لاسم إنّ ، أو بدلاً منه ، أو على المدح . قال الفراء : والرفع في مثل هذا أكثر كقوله : { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النار } [ ص : 64 ] ، وقرىء الغيوب بالحركات الثلاث في الغين ، وهو جمع غيب ، والغيب هو الأمر الذي غاب وخفي جدًّا .

/خ50