في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (8)

وقد وصفوا في القرآن بالقوة والبطش ، فقد كانت قبيلة عاد هي أقوى قبيلة في وقتها وأميزها : " التي لم يخلق مثلها في البلاد " في ذلك الأوان . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (8)

1

التي لم يخلق مثها في البلاد .

تلك القبيلة التي لم يخلق الله مثلهم من قوتهم وشدتهم وضخامة أجسامهم ، وقرب عام 1995 ظهرت كشوف أثرية في سلطنة عمان قرب مدينة صلالة ، عبارة عن قرية مطمورة بها أبنية لم يكن لها نظير أو مثيل ، ويظن أنها مدينة عاد .

وكان قوم عاد يسكنون بالأحقاف ، والأحقاف جمع تقف ، وهو الرمل المعوج .

قال تعالى : واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف . . . ( الأحقاف : 21 ) .

ونبيّ عاد هو هود عليه السلام ، وقد ذكرت قصتهم في سورة هود وعدد من السور ، وكثيرا ما تذكر قصة عاد ثم يأتي بعدها قصة ثمود .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (8)

{ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا } أي : مثل عاد { فِي الْبِلَادِ } أي : في جميع البلدان [ في القوة والشدة ] ، كما قال لهم نبيهم هود عليه السلام : { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (8)

وهي التي يقول الله فيها :{ التي لم يخلق مثلها في البلاد } وسموا ذات العماد لهذا لأنهم كانوا أهل عمد سيارة ، وهو قول قتادة ومجاهد والكلبي ، ورواية عطاء ، عن ابن عباس ، وقال بعضهم : سموا ذات العماد لطول قامتهم . قال ابن عباس : يعني طولهم مثل العماد . وقال مقاتل : كان أطول أحدهم اثني عشر ذراعاً . وقوله : { لم يخلق مثلها في البلاد } أي : لم يخلق مثل تلك القبيلة في الطول والقوة ، وهم الذين قالوا : { من أشد منا قوة }( فصلت-15 ) وقيل : سموا ذات العماد لبناء بناه بعضهم فشيد عمده ، ورفع بناءه ، يقال : بناه شداد بن عاد على صفة لم يخلق في الدنيا مثله ، وسار إليه في قومه ، فلما كان منه على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليه وعلى قومه صيحة من السماء فأهلكتهم جميعاً .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (8)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ما خلق الله عز وجل مثل قوم عاد في الآدميين ، ولا مثل إرم في قوم عاد ....

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني : مثل عاد ، والهاء عائدة على عاد . وجائز أن تكون عائدة على إرم ، لما قد بيّنا قبلُ أنها قبيلة . وإنما عُنِي بقوله : لم يُخلق مثلها في العِظَمِ والبطش والأَيْد ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

... والمقصود من هذه الحكاية زجر الكفار فإنه تعالى بين أنه أهلكهم بما كفروا وكذبوا الرسل ، مع الذي اختصوا به من هذه الوجوه ، فلأن تكونوا خائفين من مثل ذلك أيها الكفار إذا أقمتم على كفركم مع ضعفكم كان أولى....

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

أعاد ابن زيد الضميرَ على العماد ؛ لارتفاعها ، وقال : بنوا عُمُدا بالأحقاف لم يخلق مثلها في البلاد . وأما قتادة وابن جرير فأعاد الضمير على القبيلة ، أي : لم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد ، يعني في زمانهم . وهذا القول هو الصواب ، وقول ابن زيد ومن ذهب مذهبه ضعيف ؛ لأنه لو كان أراد ذلك لقال : التي لم يعمل مثلها في البلاد ، وإنما قال : { لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ } ...

ثم المراد إنما هو الإخبار عن إهلاك القبيلة المسماة بعاد ، وما أحل الله بهم من بأسه الذي لا يُرَد ، لا أن المراد الإخبار عن مدينة أو إقليم . وإنما نبهت على ذلك لئلا يُغْتَرَّ بكثير مما ذكره جماعة من المفسرين عند هذه الآية ....

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وقد وصفوا في القرآن بالقوة والبطش ، فقد كانت قبيلة عاد هي أقوى قبيلة في وقتها وأميزها : " التي لم يخلق مثلها في البلاد " في ذلك الأوان . . ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و { البلاد } : جمعَ بَلَد وبلْدة وهي مساحة واسعة من الأرض معيَّنة بحدود أو سكان .

والتعريف في { البلاد } للجنس والمعنى : التي لم يخلق مثل تلك الأمة في الأرض . وأريد بالخلق خلق أجسادهم فقد رُوي أنهم كانوا طِوالاً شداداً أقوياء ، وكانوا أهل عقل وتدبير ، والعرب تضرب المثل بأحلام عاد ، ثم فسدت طباعهم بالترف فبطروا النعمة .

والظاهر أن لام التعريف هنا للاستغراق العُرفي ، أي في بلدان العرب وقبائلهم .

وقد وضع القصاصون حول قوله تعالى : { إرم ذات العماد } قصةً مكذوبة فزعموا أن { إرم ذات العماد } مركب جعل اسماً لمدينة باليَمن أو بالشام أو بمصر ، ووصفوا قصورها وبساتينها بأوصاف غير معتادة ، وتقوَّلوا أن أعرابياً يقال له : عبدُ الله بن قلابة كان في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان تاهَ في ابتغاء إبلٍ له فاطَّلع على هذه المدينة وأنه لما رجع أخبر الناس فذهبوا إلى المكان الذي زعم أنه وجَد فيه المدينة فلم يجدوا شيئاً . وهذه أكاذيب مخلوطة بجهالة ...

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (8)

قوله تعالى : " التي لم يخلق مثلها في البلاد " الضمير في " مثلها " يرجع إلى القبيلة . أي لم يخلق مثل القبيلة في البلاد : قوة وشدة ، وعظم أجساد ، وطول قامة ، عن الحسن وغيره . وفي حرف عبد الله " التي لم يخلق مثلهم في البلاد " . وقيل : يرجع للمدينة . والأول أظهر ، وعليه الأكثر ، حسب ما ذكرناه . ومن جعل " إرم " مدينة قدر حذفا . المعنى : كيف فعل ربك بمدينة عاد إرم ، أو بعد صاحبه إرم . وإرم على هذا : مؤنثة معرفة . واختار ابن العربي أنها دمشق ، لأنه ليس في البلاد مثلها . ثم أخذ ينعتها بكثرة مياهها وخيراتها . ثم قال : وإن في الإسكندرية لعجائب ، لو لم يكن إلا المنارة ، فإنها مبنية الظاهر والباطن على العمد ، ولكن لها أمثال ، فأما دمشق فلا مثل لها . وقد روى معن عن مالك أن كتابا وجد بالإسكندرية ، فلم يدر ما هو ؟ فإذا فيه : أنا شداد بن عاد ، الذي رفع العماد ، بنيتها حين لا شيب ولا موت . قال مالك : إن كان لتمر بهم مائة سنة لا يرون فيها جنازة . وذكر عن ثور بن زيد{[16039]} أنه قال : أنا شداد بن عاد ، وأنا رفعت العماد ، وأنا الذي شددت بذراعي بطن الواد ، وأنا الذي كنزت كنزا على سبعة أذرع ، لا يخرجه إلا أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم . وروي أنه كان لعاد ابنان : شداد وشديد . فملكا وقهرا ، ثم مات شديد ، وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ، ودانت له ملوكها ، فسمع بذكر الجنة ، فقال : أبني مثلها . فبنى إرم في بعض صحاري عدن ، في ثلثمائة سنة ، وكان عمره تسعمائة سنة . وهي مدينة عظيمة ، قصورها من الذهب والفضة ، وأساطينها{[16040]} من الزبرجد والياقوت ، وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة{[16041]} . ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته ، فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة ، بعث اللّه عليهم صيحة من السماء فهلكوا . وعن عبد اللّه بن قلابة : أنه خرج في طلب إبل له ، فوقع عليها ، فحمل ما قدر عليه مما ثم ، وبلغ خبره معاوية فاستحضره ، فقص عليه ، فبعث إلى كعب{[16042]} فسأله ، فقال : هي إرم ذات العماد ، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك ، أحمر أشقر قصير ، على حاجبه خال ، وعلى عقبه خال ، يخرج في طلب إبل له ، ثم التفت فأبصر ابن قلابة ، وقال : هذا واللّه ذلك الرجل . وقيل : أي لم يخلق مثل أبنية عاد المعروفة بالعمد . فالكناية للعماد . والعماد على هذا : جمع عمد . وقيل : الإرم : الهلاك . يقال : أرم بنو فلان : أي هلكوا{[16043]} ؛ وقال ابن عباس . وقرأ الضحاك : " أرم{[16044]} ذات العماد " . أي أهلكهم ، فجعلهم رميما{[16045]} .


[16039]:في الأصول: "يزيد" وهو تحريف.
[16040]:الأساطين: جمع الأسطوانة، وهي العمود والسارية.
[16041]:أي الجارية.
[16042]:يريد: كعبا الحبر، عالم أهل الكتاب.
[16043]:حكاه الطبري.
[16044]:كذا بفتح الهمزة والراء. حكاه الشوكاني في فتح القدير (5/432).
[16045]:قوله (جعلهم رميما) بيان للمعنى، وليس تفسيرا للاشتقاق.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (8)

ولذا قال : { التي لم يخلق } أي يقدر ويصنع - بناه للمفعول إرادة للتعميم { مثلها } يصح أن يعود الضمير على " عاد " باعتبار القبيلة ، على " إرم " باعتبار البلدة ، وأوضح هذا بقوله معمماً للأرض كلها : { في البلاد * } أي في بنائها ومرافقها وثمارها ، وتقسيم مياهها وأنهارها ، وطيب أرضها وحسن أطيارها ، وما اجتمع بها مما يفوت الحصر ويعجز القوى ، ولا مثل أهلها الذين بنوها في قوة أبدانهم وعظيم شأنهم وغير ذلك من أمورهم ، وكان صاحبها شداد قد ملك المعمورة كلها فتحيزها فبناها في برية عدن في ثلاثمائة سنة يضاهي بها الجنة على ما زعم - قلوب ضلت وأضلت وأضلها باريها - قال أبو حيان : على أوصاف بعيد أو مستحيل عادة أن يكون في الأرض مثلها ، فلما تمت على ما أراد قصدها للسكن وعمره إذ ذاك تسعمائة سنة ، فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فأهلكهم فكانوا كأمس الذاهب ، وأخفى مدينتهم فلم يرها أحد إلا عبد الله بن قلابة ، خرج في طلب إبل ضلت له على زمن معاوية رضي الله عنه فوقع عليها ، ولما خرج منها وانفصل عنها خفيت عنه ، وكان قد حمل معه بعض ما رأى فيها من اللؤلؤ والمسك والزعفران فباعه ، وسمع به معاوية رضي الله عنه فأرسل إليه فحدثه ، فأرسل ، معاوية رضي الله عنه إلى كعب الأحبار فسأله عن ذلك فقال : هي إرم ذات العماد ، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أشقر أحمر قصير ، على حاجبيه خال ، وعلى عقبه خال ، يخرج في طلب إبل له ، ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال : هذا والله ذاك الرجل - ذكره شيخنا في تخريج أحاديث الكشاف وقال : وآثار الوضع عليه لائحة ، وقال جماعة منهم ابن عباس رضي الله عنهما : الأوصاف كلها للقبيلة وهم عاد الأولى ، واسمها إرم باسم جدهم ، وكانوا عرباً سيارة يبنون بيوتهم على الأعمدة على عادة العرب ، ولم يخلق مثلهم أمة من الأمم في جميع البلاد .