{ إِرَمَ } قرأته العامّة بالتنوين وقرأ الحسن ( بعاد إرم ) على الإضافة وقرأت العامّة : ( اِرم ) بكسر الألف ، وقرأ مجاهد بفتحه ، قال المؤرّخ : من قرأ بفتح الألف شبههم بالآرام ، وهي الأعلام واحدها اِرم .
واختلف العلماء في معنى قوله { إِرَمَ } فأخبرني بن فنجويه قال : حدّثنا موسى الباقرحي قال : حدّثنا ابن علوية قال : حدّثنا إسماعيل قال : حدّثنا إسحاق بن بشير عن محمد بن إسحاق عمّن يخبره أنّ سعيد بن المسيّب كان يقول : اِرم ذات العماد دمشق .
وأخبرني بن فنجويه قال : حدّثنا ابن حمدان قال : حدّثنا ابن مروان ، قال : حدّثنا علي بن حرب الطائي قال : حدّثنا أبو الأشهب هود عن عوف الإعرابي عن خالد الربعي { إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } قال : دمشق ، وبه قال عكرمة وأبو سعيد المقبري .
وقال القرظي : هي الإسكندرية ، وقال مجاهد : هي اِرمة ومعناها القديمة . قتادة : هم قبيلة من عاد ، وقال أبو إسحاق : هو جدّ عاد ، وهو عاد بن عوص بن اِرم بن سام بن نوح .
وقال مقاتل : اِرم قبيلة من قوم عاد كان فيهم الملك وكانوا موضع مهرة ، وكان عاد أباهم فنسبهم إليه ، وهو اِرم بن عاد بن شمر بن سام بن نوح .
وأخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حنش قال : حدّثنا أبو الطيّب المروزي قال : حدّثنا محمّد بن علي قال : أخبرنا فضل بن خالد قال : حدّثنا عبيد بن سليمان عن الضحّاك بن مزاحم أنّه كان يقرأ { إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } بفتح الألف والراء ، والإرم الهلاك فقال : اِرم بنو فلان أي هلكوا ، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس .
وروي عن الضحّاك أنّه قرأ { إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } أي أهلكهم وجعلهم رميماً ، والصواب أنّها اسم قبيلة أو بلدة فلذلك لم يجرّ .
قوله : { ذَاتِ الْعِمَادِ } قال قوم : يعني ذات الطول والقوّة والشدّة .
أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حنش قال : حدّثنا أبو القاسم بن الفضل قال : حدّثنا أبو حاتم قال : حدّثنا أبو صالح كاتب الليث قال : حدّثني معاوية بن صالح عمّن حدّثه عن المقدام عن النبيّ صلّى الله عليه " أنّه ذكر " اِرم ذات العماد " فقال : " كان الرجل منهم يأتي بالصخرة فيحملها على [ كاهله فيلقيها على أي حي أراد ] فيهلكهم " .
وقال الكلبي : كان طول الرجل منهم أربع مائة ذراع ، وقال ابن عبّاس : يعني طولهم مثل العماد ، ويقول العرب للرجل الطويل : معمّدا ، وقال مقاتل : كان طول أحدهم اثني عشر ذراعاً ، وقال آخرون : إنّما قيل لهم : ذات العماد ؛ لأنّهم كانوا أهل عمد سيارة ينتجعون الغيث وينتقلون إلى الكلأ ، حيث كان ثمّ يرجعون إلى منازلهم ولا يقيمون في موضع .
قال الكلبي : اِرم هو الذي يجتمع إليه نسب عاد وثمود وأهل السواد وأهل الجزيرة ، كان يقال : عاد اِرم وثمود اِرم ، فأهلك الله سبحانه عاداً ، ثمّ ثمود وبقي أهل السواد وأهل الجزيرة ، وكان أهل عمد وخيام وماشية في الربيع ، فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم فكانوا أهل جنان وزروع ومنازلهم كانت بوادي القرى ، وهي التي يقول الله سبحانه : { لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ } .
وقيل : سمّوا ذات العماد لبناء بناه بعضهم ، فشيّد عمده ورفع بناءه ، والعماد والعُمد والعَمد جمع عمود ، وهو :
ما أخبرنا أبو القاسم المفسّر قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الصفّار الأصبهاني قال : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن مهدي بن رستم الأصبهاني قال : حدّثنا عبد الله بن صالح المصري قال : حدّثني ابن لهيعة وأخبرنا أبو القاسم قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرايفي قال : أخبرنا عثمان بن سعيد الدارجي قال : أخبرنا عبد الله بن صالح قال : حدّثني ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن وهب بن منبه عن عبد الله بن قلابة أنّه خرج في طلب إبل له شردت ، فبينما هو في صحاري عدن إذا هو قد وقع على مدينة في تلك الفلوات عليها حصن ، وحول الحصن قصور كبيرة وأعلام طوال ، فلمّا دنى منها ظنّ أنّ فيها أحداً يسأله عن إبله فلم ير خارجاً ولا داخلاً فنزل عن دابته وعقلها وسلّ سيفه ودخل من باب الحصن ، فلمّا دخل في الحصن إذا هو ببابين عظيمين لم ير أعظم منهما ، والبابان مرصّعان بالياقوت الأبيض والأحمر فلمّا رأى ذلك دُهش وأعجبه ففتح أحد البابين ، فإذا هو بمدينة لم ير أحدٌ مثلها ، وإذا قصور كل قصر معلّق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت وفوق كلّ قصر منها غرف :
[ اعتبر يا أيها المغرور بالعمر المديد *** أنا شداد بن عاد صاحب الحصن المشيد ]
وأخو القوّة والبأساء والملك الحشيد *** دار أهل الأرض لي من خوف وعيدي ووعيد
وملكت الشرق والغرب بسلطان شديد *** وبفضل الملك والعدّة فيه والعديد
فأتى هود وكنّا في ضلال قبل هود *** فدعانا لو قبلناه إلى الأمر الرشيد
وعصيناه ونادى هل من محيد *** فأتتنا صيحة تهوي من الأُفق البعيد
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.