جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ} (8)

{ التي لم يخلق مثلها في البلاد{[5371]} } : مثل تلك القبيلة للقوة وعظم التركيب ، وفي الحديث{[5372]} " كان الرجل منهم يأتي على الصخرة ، فيلقيها على الحي- أي : القبيلة-فيهلكهم " ، وقيل : لم يخلق مثل أبنيتهم ، وأما حكاية جنة شداد بن عاد المشهورة المذكورة في أكثر التفاسير فعند المحققين من السلف والمؤرخين أنها من مخترعات{[5373]} بني إسرائيل ، ولا اعتبار له


[5371]:وقد ذكر جماعة من المفسرين، أن إرم ذات العماد اسم مدينة مبنية بالذهب والفضة قصورها، ودورها، وبساتينها، وأن حصباءها جواهر، وترابها مسك، وليس بها أنيس، ولا فيها ساكن من بني آدم، وأنها لا تزال تنتقل من موضع إلى موضع تارة تكون باليمن، وتارة تكون بالشام، وتارة تكون بالعراق، وتارة تكون بسائر البلاد، وهذا كذب بحت لا ينفق على من له أدنى تمييز، وزاد الثعلبي في تفسيره فقال: إن عبد الله بن قلابة في زمان معاوية دخل هذه المدينة، وهذا كذب على كذب، وافتراء على افتراء، وقد أصيب الإسلام وأهله بداهية دهياء، وفاقرة عظمى، ورزية كبرى من أمثال هؤلاء الكذابين الدجالين الذين يجرءون على الكذب تارة على بني إسرائيل، وتارة على الأنبياء، وتارة على الصالحين، وتارة على رب العالمين، وتضاعف هذا الشر وزاد كثرة بتصدر جماعة من الذين لا علم لهم بصحيح الرواية من ضعيفها، بل موضوعها للتصنيف والتفسير للكتاب العزيز، فأدخلوا هذه الخرافات المختلفة والأقاصيص المنحولة والأساطير المفتعلة في تفسير كتاب الله سبحانه فحرفوا وغيروا وبدلوا/12 فتح.
[5372]:ذكره ابن أبي حاتم/12 منه.
[5373]:قال الحافظ ابن كثير: لا تغتر بما ذكره جماعة من المفسرين من ذكر مدينة يقال لها إرم ذات العماد، فإن ذلك كله من خرافات الإسرائيليين من وضع الزنادقة، ليختبروا بذلك عقول الجهلة من الناس، فهذا وأمثاله مختلق لا حقيقة له/12.