في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

وهذه الليلة المباركة بنزول هذا القرآن كانت فيصلاً وفارقاً بهذا التنزيل :

( فيها يفرق كل أمر حكيم ) . .

وقد فرق فيها بهذا القرآن في كل أمر ، وفصل فيها كل شأن ، وتميز الحق الخالد والباطل الزاهق ، ووضعت

الحدود ، وأقيمت المعالم لرحلة البشرية كلها بعد تلك الليلة إلى يوم الدين ؛ فلم يبق هناك أصل من الأصول التي تقوم عليها الحياة غير واضح ولا مرسوم في دنيا الناس ، كما هو واضح ومرسوم في الناموس الكلي القديم .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

المفردات :

يفرق : يفصل ويبين .

كل أمر حكيم : كل أمر ذي حكمة ، وهو ما قضاه الله من أحوال العباد وحاجاتهم ، ومن أعظم ذلك نزول القرآن .

التفسير :

4- { فيها يفرق كل أمر حكيم } .

فيها يفرق كل أمر ذي حكمة ، من أرزاق العباد وآجالهم وما يتعلق بهم ، من ليلة القدر إلى مثلها من العام القادم ، حتى إن الرجل ليتزوج ويولد له وقد كتب اسمه في ديوان الموتى .

وقيل : إن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة النصف من شعبان ، حيث فيها آجال العباد وأرزاقهم وما يصيبهم ، ورفض ذلك المحققون .

وقيل : تبدأ كتابة الآجال والأعمار والأرزاق وشئون الخلق من ليلة النصف من شعبان إلى ليلة القدر من رمضان ، وهذا قول يحتاج إلى دليل ، وجمهور المفسرين على أن الليلة المباركة هي ليلة القدر من شهر رمضان .

قال ابن عباس : يحكم الله أمر الدنيا إلى السنة القادمة ، ما كان من حياة أو موت أو رزق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

{ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } أي : يفصل ويميز ويكتب كل أمر قدري وشرعي حكم الله به ، وهذه الكتابة والفرقان ، الذي يكون في ليلة القدر أحد{[780]}  الكتابات التي تكتب وتميز فتطابق الكتاب الأول الذي كتب الله به مقادير الخلائق وآجالهم وأرزاقهم وأعمالهم وأحوالهم ، ثم إن الله تعالى قد وكل ملائكة تكتب ما سيجري على العبد وهو في بطن أمه ، ثم وكلهم بعد وجوده إلى الدنيا وكل به كراما كاتبين يكتبون ويحفظون عليه أعماله ، ثم إنه تعالى يقدر في ليلة القدر ما يكون في السنة .


[780]:- في النسختين (أحد) ولعل الصواب (إحدى).
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

قوله تعالى : { فيها } أي في الليلة المباركة ، { يفرق } أي يفصل ، { كل أمر حكيم } محكم ، وقال ابن عباس : يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال حتى الحجاج ، يقال : يحج فلان ويحج فلان ، قال الحسن ومجاهد وقتادة : يبرم في ليلة القدر في شهر رمضان كل أجل وعمل وخلق ورزق ، وما يكون في تلك السنة . وقال عكرمة : هي ليلة النصف من شعبان يبرم فيها أمر السنة وتنسخ الأحياء من الأموات فلا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان ، حتى إن الرجل لينكح ويولد له ولقد أخرج اسمه في الموتى " . وروى أبو الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما : " أن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان ، ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر " .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فِيها يُفْرَق كُلّ أمْرٍ حَكِيم" اختلف أهل التأويل في هذه الليلة التي يُفرق فيها كلّ أمر حكيم، نحو اختلافهم في الليلة المباركة، وذلك أن الهاء التي في قوله: "فِيها "عائدة على الليلة المباركة، فقال بعضهم: هي ليلة القدر، يُقْضَى فيها أمر السنة كلها؛ من يموت، ومن يولد، ومن يعزّ، ومن يذل، وسائر أمور السنة... وقال آخرون: بل هي ليلة النصف من شعبان...

وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: ذلك ليلة القدر لما قد تقدّم من بياننا عن أن المعنِيّ بقوله: "إنّا أنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ" ليلة القدر، والهاء في قوله: "فِيها" من ذكر الليلة المباركة.

وعنى بقوله: "فِيها يُفْرَقُ كُلّ أمْرٍ حَكِيمٍ" في هذه الليلة المباركة يُقْضَى ويُفْصَل كلّ أمر أحكمه الله تعالى في تلك السنة إلى مثلها من السنة الأخرى، ووضع "حكيم" موضع محكم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{كل أمر حكيم} يحتمل أي كل أمر فيه حكمة...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} وفي يفرق أربعة أوجه:

الثاني: يكتب، قاله ابن عباس.

الثالث: ينزل، قاله ابن زيد.

الرابع: يخرج، قاله ابن سنان.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{كل أمر حكيم} فالحكيم معناه ذو الحكمة؛ وذلك لأن تخصيص الله تعالى كل أحد بحالة معينة من العمر والرزق والأجل والسعادة والشقاوة يدل على حكمة بالغة لله تعالى، فلما كانت تلك الأفعال والأقضية دالة على حكمة فاعلها وصفت بكونها حكيمة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما وصف ليلة إنزال هذا القرآن بالبركة، وأعلم أن من أعظم بركتها النذارة، وكانت النذارة مع أنها فرقت من البشارة أمراً عظيماً موجباً لفرقان ما بين المحاسن والمساوئ من الأعمال قائدة إلى كل خير، بدليل أن أتباع ذوي البركة من العلماء، وإذا تعارض عندهم أمر العالم والظالم، قدموا أمر الظالم لما يخافون من نذارته، وأهملوا أمر العالم وإن عظم الرجاء لبشارته، قال معللاً لبركتها بعد تعليل الإنزال فيها، ومعمماً لها يحصل فيها من بركات التفضيل: {فيها يفرق} أي ينشر ويبين ويفصل ويوضح مرة بعد مرة.

{كل أمر حكيم} أي محكم الأمر لا يستطاع أن يطعن فيه بوجه من جميع ما يوحى به من الكتب وغيرها والأرزاق والآجال والنصر والهزيمة والخصب والقحط وغيرها من جميع أقسام الحوادث وجزئياً في أوقاتها وأماكنها، ويبين ذلك للملائكة من تلك الليلة إلى مثلها من العام المقبل فيجدونه سواء فيزدادون بذلك إيماناً.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فرق فيها بهذا القرآن في كل أمر، وفصل فيها كل شأن، وتميز الحق الخالد والباطل الزاهق، ووضعت الحدود، وأقيمت المعالم لرحلة البشرية كلها بعد تلك الليلة إلى يوم الدين؛ فلم يبق هناك أصل من الأصول التي تقوم عليها الحياة غير واضح ولا مرسوم في دنيا الناس، كما هو واضح ومرسوم في الناموس الكلي القديم...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{فيها يُفْرَقُ كلّ أمر حكيم}...

والفرق: الفصل والقضاء، أي فيها يُفصَل كل ما يراد قضاؤه في النّاس ولهذا يُسمى القرآن فرقاناً، وتقدم قوله تعالى: {فافْرُقْ بيننا وبين القوم الفاسقين} في سورة المائدة (25)، أي جَعل الله الليلة التي أنزل فيها القرآن وقتاً لإنفاذ وقوع أمور هامة مِثل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم تشريفاً لتلك المقضيات وتشريفاً لتلك الليلة.

وكلمة {كلّ} يجوز أن تكون مستعملة في حقيقة معناها من الشمول، وقد علم الله ما هي الأمور الحكيمة فجمعها للقضاء بها في تلك الليلة وأعظمها ابتداء نزول الكتاب الذي فيه صلاح الناس كافّة ويجوز أن تكون {كل} مستعملة في معنى الكثرة، وهو استعمال في كلام الله تعالى وكلام العرب وقد تقدم في قوله تعالى في سورة النمل (23) {وأوتيت من كل شيءٍ} أي فيها تُفْرَق أمور عظيمة.

والظاهر أن هذا مستمر في كل ليلة توافق عدّ تلك الليلة من كل عام كما يؤذن به المضارع في قوله {يُفْرق}، ويحتمل أن يكون استعمال المضارع في {يفرق} لاستحضار تلك الحالة العظيمة كقوله تعالى: {فتثير سحاباً} [الروم: 48].

والأمر الحكيم: المشتمل على حكمة من حكمة الله تعالى أو الأمر الذي أحكمه الله تعالى وأتقنه بما ينطوي عليه من النُّظُم المدبرة الدالة على سعة العلم وعمومه. وبعض تلك الأمور الحكيمة يُنفِذُ الأمرَ به إلى الملائكة الموكلين بأنواع الشؤون، وبعضها يُنفذ الأمر به على لسان الرّسول مدة حياته الدنيوية، وبَعْضاً يلهمُ إليه من ألهمه الله أفعالاً حكيمة، والله هو العالم بتفاصيل ذلك.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

{ فيها يفرق } يفصل { كل أمر حكيم } محكم من أرزاق العباد وآجالهم وذلك أنه يدبر في تلك الليلة أمر السنة

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

ولما وصف ليلة إنزال هذا القرآن بالبركة ، وأعلم أن من أعظم بركتها النذارة ، {[57245]}وكانت النذارة{[57246]} مع أنها {[57247]}فرقت من{[57248]} البشارة أمراً عظيماً موجباً لفرقان ما بين المحاسن والمساوىء من الأعمال قائدة إلى كل خير بدليل أن أتباع ذوي البركة من العلماء ، وإذا تعارض عندهم أمر العالم والظالم ، قدموا أمر الظالم لما يخافون من نذارته ، وأهملوا أمر العالم وإن عظم الرجاء لبشارته ، قال معللاً لبركتها بعد تعليل الإنزال فيها ، ومعمماً لها يحصل فيها من بركات التفضيل{[57249]} : { فيها } أي الليلة المباركة سواء قلنا : إنها ليلة القدر أو ليلة النصف أصالة أو مآلاً { يفرق } أي ينشر ويبين ويفصل ويوضح مرة بعد مرة { كل أمر حكيم * } أي محكم الأمر لا يستطاع أن يطعن فيه بوجه من جميع ما يوحى به من الكتب وغيرها والأرزاق والآجال والنصر والهزيمة والخصب والقحط وغيرها من جميع أقسام{[57250]} الحوادث وجزئياً{[57251]} في أوقاتها وأماكنها ، ويبين ذلك للملائكة من تلك الليلة إلى مثلها{[57252]} من العام المقبل فيجدونه سواء فيزدادون بذلك إيماناً ، قال البغوي{[57253]} رحمه الله : قال ابن عباس رضي الله عنهما : يكتب من أم الكتاب [ في ليلة القدر-{[57254]} ] ما هو كائن في السنة من الخير والشر ، والأرزاق والآجال ، قال : وروى أبو الضحى عنه أن الله تعالى يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان فيسلمها إلى أربابها{[57255]} في ليلة القدر . وقال الكرماني : فيسلمها إلى إلى أربابها{[57256]} وعمالها من الملائكة ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان .


[57245]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[57246]:سقط ما بين الرقمين من مد
[57247]:من مد، وفي الأصل: فرقة مع، وفي ظ: فرقة من.
[57248]:من مد، وفي الأصل: فرقة مع، وفي ظ: فرقة من.
[57249]:من ظ ومد، وفي الأصل: التفصيل.
[57250]:من ظ ومد، وفي الأصل: الأشياء
[57251]:من مد، وفي الأصل و ظ: جريتها.
[57252]:من ظ ومد، وفي الأصل: قبلها
[57253]:راجع المعالم بهامش اللباب6/120.
[57254]:زيد من مد والمعالم.
[57255]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[57256]:سقط ما بين الرقمين من ظ.