الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

وقوله : { فيها يفرق كل أمر حكيم } قال عكرمة : هي{[61999]} ليلة النصف من شعبان فيها يبرم أمر السنة{[62000]} .

وظاهر التلاوة يدل على أنها ليلة قدر تفرق{[62001]} فيها الأرزاق وتقضى الآجال إلى مثلها من قابل .

قال أبو العالية : ليلة القدر بركة كلها ، لا يوافقها عبد مؤمن يعمل إحسانا إلا غفر له ما مضى من ذنوبه{[62002]} .

قال عكرمة : يكتب في ليلة النصف من شعبان الحاج حاج بيت الله الحرام فلا يغادر أحدا{[62003]} ولا يزاد فيهم أحد{[62004]} .

والبركة في اللغة : الثبات والدوام والزيادة{[62005]} .

وقوله : { إنا كنا منذرين }أي : منذرين خلقنا{[62006]} بهذا القرآن الذي أنزلناه في ليلة القدر أن يحل بهم العذاب بكفرهم .

ثم قال تعالى : { فيها يفرق كل أمر حكيم } أي في تلك الليلة يقضى كل أمر محكم ، وهو أمر السنة كلها ، من يموت ومن يولد ، ومن يعز ومن{[62007]} يذل ، وغير ذلك . سئل{[62008]} الحسن : هل ليلة القدر في كل{[62009]} رمضان ؟ فقال : أي ، والله إنها لفي كل رمضان ، وإنها الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ، فيها يقضي الله كل أجل وأمل ورزق إلى مثلها ، وهو قول مجاهد وقتادة ، وقاله ابن عباس وغيره{[62010]} .

وقيل معنى ( يفرق ) : يفصل بين المؤمن والكافر والمنافق فيقال للملائكة هذا فيعرفونه .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ( تقطع الآجال ){[62011]} من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل لينكح ويولد له ولقد خرج اسمه في الموتى " {[62012]} ، وبه قال عكرمة : إنها ليلة النصف من شعبان{[62013]} .


[61999]:في طرة (ت).
[62000]:انظر المحرر الوجيز 14/284، والجواهر الحسان (5).
[62001]:(ت): وتفرق.
[62002]:انظر إعراب النحاس 4/125.
[62003]:فوق السطر في (ت).
[62004]:انظر جامع البيان 25/65، وجامع القرطبي 16/126، ومواهب الكريم المنان 15.
[62005]:(ح): (الزيادة).
[62006]:(ح): أي خلقنا.
[62007]:في طرة (ت).
[62008]:(ح): (وسئل).
[62009]:في طرة (ح).
[62010]:انظر تفسير مجاهد 2/587، وجامع البيان 25/65.
[62011]:(ح): يقطع الأجل.
[62012]:نسب السيوطي في الدر المنثور 7/401 تخريجه إلى البيهقي في شعب الإيمان بلفظه عن الزهري 7/401 وانظره أيضا في المحرر الوجيز 4/284، وزاد المسير 7/338، وجامع القرطبي 16/126، وتفسير ابن كثير، ومواهب الكريم المنان 15. ونسب الشوكاني في فتح القدير 4/572 تخريجه إلى ابن زنجويه والديلمي عن أبي هريرة، وابن أبي الدنيا وابن جرير عن عثمان بن محمد بن محمد بن المغيرة، ثم قال الشوكاني: إنه مرسل ولا تقوم به حجة، ولا تعارض بمثله صرائح القرآن. وقال: وما روي في هذا فهو إما مرسل أو غير صحيح.
[62013]:انظر جامع البيان 25/66، وجامع القرطبي 16/126.