الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

3

ومعنى { يُفْرَقُ } يفصل ويكتب كل أمر حكيم من أرزاق العباد وآجالهم ، وجميع أمورهم منها إلى الأخرى القابلة . وقيل : يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ، ويقع الفراغ في ليلة القدر ، فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل ، ونسخة الحروب إلى جبريل ، وكذلك الزلازل والصواعق والخسف ، ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم ونسخة المصائب إلى ملك الموت . وعن بعضهم : يعطى كل عامل بركات أعماله ، فيلقى على ألسنة الخلق مدحه ، وعلى قلوبهم هيبته . وقرىء «يفرق » بالتشديد و { يُفْرَقُ } كل على بنائه للفاعل ونصب كل ، والفارق : الله عزّ وجلّ ، وقرأ زيد بن عليّ رضي الله عنه «نفرق » بالنون ، { كل أمر حكيم } : كل شأن ذي حكمة ، أي : مفعول على ما تقتضيه الحكمة ، وهو من الإسناد المجازى ؛ لأنّ الحكيم صفة صاحب الأمر على الحقيقة ، ووصف الأمر به مجاز .