الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ} (4)

قوله : { فِيهَا يُفْرَقُ } : يجوزُ أَنْ تكونَ مُسْتَأْنَفَةً ، وأَنْ تكونَ صفةً ل " ليلة " وما بينهما اعتراضٌ . قال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : إنَّا كُنَّا مُنْذِرين ، فيها يُفْرَقُ ، ما موقعُ هاتين الجملتين ؟ قلت : هما جملتان مستأنفتان مَلْفوفتان ، فَسَّر بهما جوابَ القسمِ الذي هو " أَنْزَلْناه " كأنه قيل : أَنْزَلْناه ؛ لأنَّ مِنْ شَأْنِنا الإِنذارَ والتحذيرَ ، وكان إنزالُنا إياه في هذه الليلةِ خصوصاً ؛ لأنَّ إنزالَ القرآنِ مِنَ الأمورِ الحكيمةِ ، وهذه الليلةُ يُفْرَقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيم " . قلت : وهذا مِنْ محاسِنِ هذا الرجلِ .

وقرأ الحسن والأعرج والأعمش " يَفْرُقُ " بفتح الياء وضمِّ الراءِ ، " كلَّ " بالنصب أي : يَفْرُقُ اللَّهُ كلَّ أَمْرٍ . وزيد بن علي " نَفْرِقُ " بنونِ العظمةِ ، " كلَّ " بالنصبِ ، كذا نقله الزمخشريُّ ، ونَقَلَ عنه الأهوازي " يَفْرِق " بفتح الياء وكسرِ الراء ، " كلَّ " بالنصب ، " حكيمٌ " بالرفع على أنه فاعل " يَفْرِق " ، وعن الحسن والأعمش أيضاً " يُفَرَّقُ " كالعامَّةِ ، إلاَّ أنه بالتشديد .