في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (44)

30

( وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون . إلا رحمة منا ومتاعاً إلى حين ) . . والسفينة في الخضم كالريشة في مهب الريح ، مهما ثقلت وضخمت وأتقن صنعها . وإلا تدركها رحمة الله فهي هالكة هالكة في لحظة من ليل أو نهار . والذين ركبوا البحار سواء عبروها في قارب ذي شراع أو في عابرة ضخمة للمحيط ، يدركون هول البحر المخيف ؛ وضآلة العصمة من خطره الهائل وغضبه الجبار . ويحسون معنى رحمة الله ؛ وأنها وحدها العاصم بين العواصف والتيارات في هذا الخلق الهائل الذي تمسك يد الرحمة الإلهية عنانه الجامح ، ولا تمسكه يد سواها في أرض أو سماء . وذلك حتى يقضي الكتاب أجله ، ويحل الموعد المقدور في حينه ، وفق ما قدره الحكيم الخبير : ومتاعاً إلى حين . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (44)

33

44 { إِلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } .

لكن برحمتنا الواسعة نحفظكم من المهالك ، ونسيركم في البرّ والبحر ، ونرزقكم بخيرات السماء والأرض ، ونمتعكم بمتاع الدنيا إلى انتهاء آجالكم وإلى حين موتكم ، فالإنسان وقد ولد وقد سجل معه أجله ورزقه وشقاؤه أو سعادته ، وحين ينجو من الهلاك في البحر بفضل الله ورحمته ، فهذا الإنقاذ إمتاع بالحياة الدنيا إلى وقت انتهاء أجله ، وقريب من ذلك ما أنشده أبو الطيب المتنبي في وصف الحمّى حيث يقول :

أقمت بأرض مصر فلا ورائي *** تخب بي المطيّ ولا أمامي

وملني الفراش وكان جنبي *** يملّ لقاءه في كل عام

قليل عائدي أسف فؤادي *** كثير حاسدي صعب مرامي

وزائرتي كأنّ بها حياء *** فليس تزور إلا في الظلام

إذا ما فارقتني غسَّلتني *** كأنا عاكفان على حرام

كأن الصبح يطردها فتجري *** مدامعها بأربعة سجام

أراقب وقتها من غير شوق *** مراقبة المشوق المستهام

ويصدق وعدها والصدق شر *** إذ ألقاك في الكرب العظام

أبنت الدَّهر عندي كل بنت *** فكيف نجوت أنت من الزحام

جرحت مجرحا لم يبق فيه *** مكان للسيوف ولا السهام

فإن أمرض فما مرض اصطباري وإن أحمم فما حمّ اعتزامي

وإن أسلم فما أبقى ولكن *** سلمت من الحمام إلى الحمام

وموضع الشاهد أنه إذا سلم من الحمّى فلن يخلّد في الدنيا ، بل يسلم من الحمى لوقت محدد ، ثم يلقى الحمام وهو الموت .

قال ابن كثير :

{ إِلا رَحْمَةً مِنَّا . . . } وهذا استثناء منقطع ، تقديره : ولكن برحمتنا نسيركم في البر والبحر ، ونسلّمكم إلى أجل مسمى ، ولهذا قال تعالى : { وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } . إلى وقت معلوم عند الله عز وجل17 .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّا رَحۡمَةٗ مِّنَّا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ} (44)

{ إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ } حيث لم نغرقهم ، لطفا بهم ، وتمتيعا لهم إلى حين ، لعلهم يرجعون ، أو يستدركون ما فرط منهم .