لقد كان ما كان لها( بأن ربك أوحى لها ) . . وأمرها أن تمور مورا ، وأن تزلزل زلزالها ، وأن تخرج أثقالها ! فأطاعت أمر ربها( وأذنت لربها وحقت ) . . تحدث أخبارها . فهذا الحال حديث واضح عما وراءه من أمر الله ووحيه أليها . .
وهنا و " الإنسان " مشدوه مأخوذ ، والإيقاع يلهث فزعا ورعبا ، ودهشة وعجبا ، واضطرابا ومورا . . هنا و " الإنسان " لا يكاد يلتقط أنفاسه وهو يتساءل : مالها مالها ? هنا يواجه بمشهد الحشر والحساب والوزن والجزاء :
تحدث أخبارها : ما كان فيها من أعمال العباد من خير أو شر .
بأن ربك أوحى لها : تحدث بالأخبار بوحي من الله بما تقول .
4 ، 5- يومئذ تحدّث أخبارها* بأن ربك أوحى لها .
يومئذ تشهد أحوال الأرض وهيئاتها بأن الله أمرها أن تفعل ذلك ، وهو أمر تكويني .
قال تعالى : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون . ( يس : 82 ) .
فالحديث الذي تحدّثه الأرض وتشهد به يتم بلسان الحال لا بلسان المقال ، كما يقول إنسان : هذه الدار تخبرني أنها قريبة العهد بسكنى أهلها فيها ، لما يشاهد من آثار ذلك .
وقيل : إن الأرض تشهد بلسان أو بكلام أو دلالة تفيد ما وقع عليها ، فتشهد الأرض على القاتل والزاني ، كما تشهد الأماكن والمساكن للعابد والمتصدّق والمعلّم ، والآمر بالمعروف ، والناهي عن المنكر ، أي كما تشهد الجوارح على الإنسان ، تشهد الأرض بما فعله الإنسان عليها .
أخرج الإمام أحمد ، والترمذي ، والنسائي –واللفظ له- عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : يومئذ تحدّث أخبارها . ثم قال : ( أتدرون ما أخبارها ) ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، أن تقول : عمل كذا وكذا ، يوم كذا وكذا ، فهذه أخبارها )iii .
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب .
وقال الطبري : إن هذا تمثيل ، والمراد أنها تنطق بلسان الحال لا بلسان المقال .
{ بأن ربك أوحى لها } الباء سببية متعلقة بتحدث ، أي : تحدث بسبب أن الله أوحى لها ، ويحتمل أن يكون بأن الله أوحى لها بدلا من إخبارها ، وهذا كما تقول : حدثت كذا وحدثت بكذا ، والمعنى على هذا تحدث بحديث الوحي لها ، وهذا الوحي يحتمل أن يكون إلهاما أو كلاما بواسطة الملائكة ، ولها بمعنى إليها ، وقيل : معناه أوحى إلى الملائكة من أجلها وهذا بعيد .
ولما كان من المقرر أنه لا يكون شيء إلا بإذنه تعالى ، وكان قد بنى الأفعال لما لم يسم فاعله ، فكان الجاهل ربما خفي عليه فاعل ذلك قال : { بأن } أي تحدث بسبب أن { ربك } أي المحسن إليك بإحقاق الحق وإزهاق الباطل لإعلاء شأنك { أوحى } وعدل عن حرف النهاية إيذاناً بالإسراع في الإيحاء فقال : { لها * } أي بالإذن في التحديث المذكور بالحال أو المقال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.