( والذين هم بشهاداتهم قائمون ) . .
وقد ناط الله بأداء الشهادة حقوقا كثيرة ، بل ناط بها حدود الله ، التي تقام بقيام الشهادة . فلم يكن بد أن يشدد الله في القيام بالشهادة ، وعدم التخلف عنها ابتداء ، وعدم كتمانها عند التقاضي ، ومن القيام بها أداؤها بالحق دون ميل ولا تحريف . وقد جعلها الله شهادة له هو ليربطها بطاعته ، فقال : ( وأقيموا الشهادة لله ) . . وجعلها هنا سمة من سمات المؤمنين وهي أمانة من الأمانات ، أفردها بالذكر للتعظيم من شأنها وإبراز أهميتها . .
32- والذين هم بشهاداتهم قائمون .
يؤدون الشهادة احتسابا لوجه الله ، ويؤدونها على وجهها الصحيح ، لما يرتبط بها من أداء الحقوق ، وصيانة الأمانة ، بل الشهادة نفسها أمانة من الأمانات ، وقد أفردها بالذكر لأهميتها .
قال تعالى : وأقيموا الشهادة لله . . . ( الطلاق : 2 ) .
وقال تعالى : ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه . . . ( البقرة : 283 ) .
وقد أمرنا أن نؤدّي الشهادة على وجهها الصحيح ، بدون ميل إلى قريب أو شريف ، أو غني أو فقير ، أو قريب أو حبيب ، إظهارا للصلابة في الدين ، ورغبة في إحياء حقوق المسلمين .
قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلوا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا . ( النساء : 135 ) .
" والذين هم بشهاداتهم قائمون " على من كانت عليه{[15362]} من قريب أو بعيد ، يقومون بها عند الحاكم ولا يكتمونها ولا يغيرونها . وقد مضى القول في الشهادة وأحكامها في سورة " البقرة{[15363]} " . وقال ابن عباس : " بشهاداتهم " أن الله واحد لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله . وقرئ " لأمانتهم " على التوحيد . وهي قراءة ابن كثير وابن محيصن . فالأمانة اسم جنس ، فيدخل فيها أمانات الدين ، فإن الشرائع أمانات ائتمن الله عليها عباده . ويدخل فيها أمانات الناس من الودائع ، وقد مضى هذا كله مستوفى في سورة " النساء{[15364]} " . وقرأ عباس الدوري عن أبي عمرو ويعقوب " بشهاداتهم " جمعا . الباقون " بشهادتهم " على التوحيد ؛ لأنها تؤدي عن الجمع . والمصدر قد يفرد وإن أضيف إلى جمع ، كقوله تعالى : " إن أنكر الأصوات لصوت الحمير{[15365]} " . [ لقمان : 19 ] وقال الفراء : ويدل على أنها " بشهادتهم " توحيدا قوله تعالى : " وأقيموا الشهادة لله " [ الطلاق : 2 ] .
ولما كان أجل العهود والأمانات ما كان بإشهاد قال مبيناً{[68431]} لفضل الشهادة : { والذين هم } أي بغاية ما يكون من توجيه القلوب { بشهاداتهم } التي شهدوا بها أو يستشهدون بها لطلب أو غيره ، وتقديم المعمول{[68432]} إشارة إلى أنهم في فرط قيامهم بها ومراعاتهم لها كأنهم لا شاغل لهم سواها{[68433]} { قائمون * } أي يتحملونها ويؤدونها على غاية التمام والحسن أداء من هو متهيىء لها واقف في انتظارها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.