في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم مُّعۡرِضُونَ} (48)

46

ولقد كان هؤلاء الذين يدعون الإيمان يخالفون مدلوله حين يدعون ليتحاكموا إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] على شريعة الله التي جاء بها :

( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون . وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ) . .

فلقد كانوا يعلمون أن حكم الله ورسوله لا يحيد عن الحق ، ولا ينحرف مع الهوى ، ولا يتأثر بالمودة والشنآن . وهذا الفريق من الناس لا يريد الحق ولا يطيق العدل . ومن ثم كانوا يعرضون عن التحاكم إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ويأبون أن يجيئوا إليه . فأما إذا كانوا أصحاب حق في قضية فهم يسارعون إلى تحكيم رسول الله ، راضين خاضعين ، لأنهم واثقون أنهم سيقضي لهم بحقهم ، وفق شريعة الله ، التي لا تظلم ولا تبخس الحقوق .

هذا الفريق الذي كان يدعي الإيمان ، ثم يسلك هذا السلوك الملتوي ، إنما هو نموذج للمنافقين في كل زمان ومكان . المنافقين الذي لا يجرؤون على الجهر بكلمة الكفر ، فيتظاهرون بالإسلام . ولكنهم لا يرضون أن تقضي بينهم شريعة الله ، ولا أن يحكم فيهم قانونه ، فإذا دعوا إلى حكم الله ورسوله أبوا وأعرضوا وانتحلوا المعاذير ( وما أولئك بالمؤمنين )فما يستقيم الإيمان وإباء حكم الله ورسوله . إلا أن تكون لهم مصلحة في أن يتحاكموا إلى شريعة الله أو يحكموا قانونه !

إن الرضى بحكم الله ورسوله هو دليل الإيمان الحق . وهو المظهر الذي ينبى ء عن استقرار حقيقة الإيمان في القلب . وهو الأدب الواجب مع الله ومع رسول الله . وما يرفض حكم الله وحكم رسوله إلا سييء الأدب معتم ، لم يتأدب بأدب الإسلام ، ولم يشرق قلبه بنور الإيمان .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم مُّعۡرِضُونَ} (48)

وقوله : وَإذَا دُعُوا إلى اللّهِ وَرَسُولِهِ يقول : وإذا دُعِي هؤلاء المنافقون إلى كتاب الله وإلى رسوله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فيما اختصموا فيه بحكم الله ، إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ عن قبول الحقّ والرضا بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم مُّعۡرِضُونَ} (48)

{ وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم } أي ليحكم النبي صلى الله عليه وسلم فإنه الحاكم ظاهر والمدعو إليه ، وذكر الله لتعظيمه والدلالة على أن حكمه صلى الله عليه وسلم في الحقيقة حكم الله تعالى { إذا فريق منهم معرضون } فاجأ فريق منهم الإعراض إذا كان الحق عليهم لعلمهم بأنك لا تحكم لهم ، وهو شرح للتولي ومبالغة فيه .