في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِلَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلۡمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (14)

1

( فإن لم يستجيبوا لكم ) . .

ولم يقدروا على افتراء عشر سور ، لأنهم عاجزون عن أن يقدموا لكم عونا في هذه المهمة المتعذرة ! وعجزتم أنتم بطبيعة الحال ، لأنكم لم تدعوهم لتستعينوا بهم إلا بعد عجزكم !

( فاعلموا أنما أنزل بعلم الله ) .

فهو وحده القادر على أن ينزله ، وعلم الله وحده هو الكفيل بأن ينزله على هذا النحو الذي نزل به ، متضمنا ما تضمنه من دلائل العلم الشامل بسنن الكون وأحوال البشر ، وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم ، وما يصلح لهم في نفوسهم وفي معاشهم . . .

وأن لا إله إلا هو . .

فهذا مستفاد كذلك من عجز آلهتكم عن تلبيتكم في تأليف عشر سور كالتي أنزلها الله . فلا بد أن يكون هناك إله واحد هو القادر وحده على تنزيل هذا القرآن .

ويعقب على هذا التقرير الذي لا مفر من الإقرار به بسؤال لا يحتمل إلا جوابا واحدا عند غير المكابرين المتعنتين . سؤال :

( فهل أنتم مسلمون ؟ ) . .

بعد هذا التحدي والعجز ودلالته التي لا سبيل إلى مواجهتها بغير التسليم ؟ .

ولكنهم ظلوا بعدها يكابرون ! ! !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَإِلَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلۡمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (14)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَإِلّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُوَاْ أَنّمَآ أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاّ إِلََهَ إِلاّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مّسْلِمُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : فإن لم يستجب لكم من تدعون من دون الله إلى أن يأتوا بعشر سور مثل هذا القرآن مفتريات ، ولم تطيقوا أنتم وهم أن تأتوا بذلك ، فاعلموا وأيقنوا أنه إنما أُنزل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بعلم الله وإذنه ، وأن محمدا لم يفتره ، ولا يقدر أن يفتريه ، وأن لا إلهَ إلاّ هُوَ يقول : وأيقنوا أيضا أن لا معبود يستحقّ الألوهة على الخلق إلا الله الذي له الخلق والأمر ، فاخلعوا الأنداد والاَلهة وأفردوا له العبادة .

وقد قيل : إن قوله : فإنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ خطاب من الله لنبيه ، كأنه قال : فإن لم يستجب لك هؤلاء الكفار يا محمد ، فاعلموا أيها المشركون أنما أنزل بعلم الله . وذلك تأويل بعيد من المفهوم .

وقوله : فَهَلْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ يقول : فهل أنتم مذعنون لله بالطاعة ، ومخلصون له العبادة بعد ثبوت الحجة عليكم ؟ وكان مجاهد يقول : عني بهذا القول أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فَهَلْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : وحدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وأنْ لا إلَهَ إلاّ هُوَ فَهَلْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ قال : لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

وقيل : فإنْ لَمْ يَسْتَجُيبُوا لَكُمْ والخطاب في أوّل الكلام قد جرى لواحد ، وذلك قوله : قُلْ فَأْتُوا ولم يقل : فإن لم يستجيبوا لك على نحو ما قد بيّنا قبل في خطاب رئيس القوم وصاحب أمرهم ، أن العرب تخرج خطابه أحيانا مخرج خطاب الجمع إذا كان خطابه خطاب الأتباع وجنده ، وأحيانا مخرج خطاب الواحد إذا كان في نفسه واحدا .