الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَإِلَّمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَكُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلۡمِ ٱللَّهِ وَأَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (14)

فإن قلت : ما وجه جمع الخطاب بعد إفراده وهو قوله : { لَكُمْ فاعلموا } بعد قوله : { قُلْ } ؟ قلت : معناه فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كانوا يتحدّونهم ، وقد قال في موضع آخر : { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فاعلم } [ القصص : 50 ] ويجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله :

فَإنْ شَئْتُ حَرَّمْتُ النْسَاءَ سِوَاكُمُ ***

وووجه آخر : وهو أن يكون الخطاب للمشركين ، والضمير في { لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ } لمن استطعتم ، يعني : فإن لم يستجب لكم من تدعونه من دون الله إلى المظاهرة على معارضته لعلمهم بالعجز عنه وأن طاقتهم أقصر من أن تبلغه { فاعلموا أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ الله } أي أنزل ملتبساً بما لا يعلمه إلا الله ، من نظم معجز للخلق ، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليه { و } اعلموا عند ذلك { و أَن لاَّ إله إِلاَّ } الله وحده ، وأن توحيده واجب والإشراك به ظلم عظيم { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } مبايعون بالإسلام بعد هذه الحجة القاطعة ، وهذا وجه حسن مطرد . ومن جعل الخطاب للمسلمين فمعناه : فاثبتوا على العلم الذي أنتم عليه ، وازدادوا يقيناً وثبات قدم على أنه منزل من عند الله وعلى التوحيد . ومعنى { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } فهل أنتم مخلصون ؟