في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ وَرَبُّ ٱلۡمَغۡرِبَيۡنِ} (17)

( رب المشرقين ورب المغربين . فبأي آلاء ربكما تكذبان ? ) .

وهذه الإشارة التي تملأ القلب بفيض غامر من الشعور بوجود الله ، حيثما توجه ، وحيثما تلفت ، وحيثما امتد به النظر حوله في الآفاق . . فحيث الشروق وحيث الغروب هناك الله . . ربوبيته ومشيئته وسلطانه ، ونوره وتوجيهه وهدايته . .

والمشرقان والمغربان قد يكون المقصود بهما شروق الشمس وشروق القمر . وغروبهما كذلك ، بمناسبة ذكر الشمس والقمر فيما تقدم من آلاء الله . وقد يكون المقصود مشرقي الشمس المختلفي الموضع في الصيف والشتاء ومغربيها كذلك .

وعلى أية حال فإن ظلال هذه الإشارة هي الأولى بالالتفات . ظلال الاتجاه إلى المشرق والمغرب ، والشعور بالله هناك ، والإحساس بيده تحرك الكواكب والأفلاك ، ورؤية نوره وربوبيته في الآفاق هنا وهناك . والرصيد الذي يؤوب به القلب من هذا التأمل والتدبر والنظر في المشارق والمغارب ، والزاد الشعوري الذي تفيض به الجوانح وتذخره الأرواح .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقَيۡنِ وَرَبُّ ٱلۡمَغۡرِبَيۡنِ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى : { رَبّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاّ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تِكَذّبَانِ } .

يقول تعالى ذكره : ذلكم أيها الثقلان رَبّ المَشْرِقَينِ يعني بالمشرقين : مشرق الشمس في الشتاء ، ومشرقها في الصيف .

وقوله : وَرَبّ المَغْرِبَينِ يعني : وربّ مغرب الشمس في الشتاء ، ومغربها في الصيف . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن ابن أبزى ، قوله : رَبّ المَشْرقَينِ وَرَبّ المَغْرِبَينِ قال : مشارق الصيف ومغارب الصيف ، مشرقان تجري فيهما الشمس ستون وثلاث مئة في ستين وثلاث مئة بُرْج ، لكلّ برج مطلع ، لا تطلع يومين من مكان واحد . وفي المغرب ستون وثلاث مئة برج ، لكل برج مغيب ، لا تغيب يومين في برج .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : رَبّ المَشْرِقَينِ وَرَبّ المَغْرِبَينِ قال : مشرق الشتاء ومغربه ، ومشرق الصيف ومغربه .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : رَبّ المَشْرِقَينِ وَرَبّ المَغْرِبَينِ فمشرقها في الشتاء ، ومشرقها في الصيف .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة قوله : رَبّ المَشْرِقَينِ وَرَبّ المَغْرِبَينِ قال : مشرق الشتاء ومغربه ، ومشرق الصيف ومغربه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : رَبّ المَشْرِقَينِ وَرَبّ المَغْرِبَينِ قال : أقصر مشرق في السنة ، وأطول مشرق في السنة وأقصر مغرب في السنة ، وأطول مغرب في السنة .