في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعۡمَةِ وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِيلًا} (11)

اصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا . . وخل بيني وبين المكذبين ، فأنا بهم كفيل : ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا ) . . كلمة يقولها الجبار القهار القوي المتين . . ( ذرني والمكذبين ) . . والمكذبون بشر من البشر ، والذي يتهددهم هو الذي أنشأهم ابتداء وخلق هذا الكون العريض " بكن " ولا تزيد !

ذرني والمكذبين . . فهي دعوتي . وما عليك إلا البلاغ . ودعهم يكذبون واهجرهم هجرا جميلا . وسأتولى أنا حربهم ، فاسترح أنت من التفكير في شأن المكذبين !

إنها القاصمة المزلزلة المذهلة حين يخلو الجبار ، إلى هذه الخلائق الهينة المضعوفة . . ( أولي النعمة )مهما يكن من جبروتهم في الأرض على أمثالهم من المخاليق !

( ومهلهم قليلا )ولو مهلهم الحياة الدنيا كلها ما كانت إلا قليلا . وإن هي إلا يوم أو بعض يوم في حساب الله . وفي حسابهم هم أنفسهم حين تطوى ، بل إنهم ليحسونها في يوم القيامة ساعة من نهار ! فهي قليل أيا كان الأمد ، ولو مضوا من هذه الحياة ناجين من أخذ الجبار المنتقم الذي يمهل قليلا ويأخذ تنكيلا :

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعۡمَةِ وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِيلًا} (11)

{ وذرني والمكذبين } لا تهتم لشأنهم فإني أكفيكهم يعني رؤساء المشركين كقوله { فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } وقد مر { أولي النعمة } ذوي التنعم والترفه { ومهلهم قليلا } يعني إلى مدة آجالهم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعۡمَةِ وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِيلًا} (11)

قوله تعالى : " وذرني والمكذبين " أي أرض بي لعقابهم . نزلت في صناديد قريش ورؤساء مكة من المستهزئين . وقال مقاتل : نزلت في المطعمين{[15519]} يوم بدر وهم عشرة . وقد تقدم ذكرهم في " الأنفال " {[15520]} . وقال يحيى بن سلام : إنهم بنو المغيرة . وقال سعيد بن جبير أخبرت أنهم اثنا عشر رجلا . " أولي النعمة " أي أولي الغنى والترفه واللذة في الدنيا " ومهلهم قليلا " يعني إلى مدة آجالهم . قالت عائشة رضي الله عنها : لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسيرا حتى وقعت وقعة بدر . وقيل : " ومهلهم قليلا " يعني إلى مدة الدنيا .


[15519]:في أ، ح، ل: "المهطعين".
[15520]:راجع جـ 8 ص 53.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعۡمَةِ وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِيلًا} (11)

ولما كان في أمره هذا بما يفعل ما يشق جداً بما فيه من احتمال علوهم ، أعلم بقرب فرجه{[69483]} بتهديدهم بأخذهم سريعاً فقال : { وذرني } أي اتركني على أي حالة اتفقت مني في معاملتهم ، وأظهر في موضع الإضمار تعليقاً للحكم بالوصف وتعميماً فقال : { والمكذبين } أي العريقين في التكذيب فإني قادر على رحمتهم وتعذيبهم .

ولما ذكر وصفهم الذي استحقوا به العذاب ، ذكر الحامل عليه تزهيداً فيه وصرفاً عن معاشرة أهله لئلا تكون المعاشرة فتنة فتكون حاملة على الاتصاف به وجارّة إلى حب الدنيا فقال : { أولي النعمة } أي أصحاب التنعم بغضارة العيش والبهجة التي أفادتهموها{[69484]} النعمة - بالكسر وهي الإنعام وما ينعم به من الأموال والأولاد ، والجاه الذي أفادته النعمة - بالضم وهي المسرة التي تقتضي الشكر وهم أكابر قريش وأغنياؤهم .

ولما كان العليم القدير إذا قال مثل هذا لولي من أوليائه عاجل عدوه ، قال محققاً للمراد بما أمر به من الصبر من هذا في النعم الدنيوية بأن زمنها قصير : { ومهلهم } أي اتركهم برفق وتأن وتدريج ولا تهتم{[69485]} بشأنهم .

ولا سره بوعيدهم الشديد بهذه العبارة{[69486]} التي مضمونها أن أخذهم بيده صلى الله عليه وسلم وهو سبحانه يسأل في تأخيره{[69487]} لهم ، زاد في البشارة بقوله : { قليلاً * } أي من الزمان والإمهال إلى موتهم أو الإيقاع بهم قبله ، وكان بين نزول هذه الآية وبين وقعة بدر يسير{[69488]} - قاله المحب الطبري ، وفيه بشارة له صلى الله عليه وسلم بالبقاء بعد أخذهم كما كان ، وأنه ليس محتاجاً في أمرهم إلى غير وكلهم سبحانه وتعالى بإلقائهم عن باله صلى الله عليه وسلم وتفريغ ظاهره وباطنه لما{[69489]} هو مأمور به من الله سبحانه وتعالى من الإقبال على الله سبحانه ، ففي الآية أن من اشتغل بعدوه{[69490]} وكله الله إلى نفسه ، فكان ذلك كالمانع من{[69491]} أخذ الله له-{[69492]} ، فإذا توكل عليه فقد أزال ذلك المانع -{[69493]} .


[69483]:من ظ و م، وفي الأصل: فوجه.
[69484]:من م، وفي الأصل: أفادتموها، وفي ظ: أفادتتموها.
[69485]:من ظ و م، وفي الأصل: تقيم.
[69486]:من م، وفي الأصل و ظ: العبارات.
[69487]:من ظ و م، وفي الأصل: تأخيرهم.
[69488]:من ظ و م، وفي الأصل: سير-مع يسير من البياض.
[69489]:من ظ و م، وفي الأصل: إلى ما.
[69490]:من ظ و م، وفي الأصل: بعذره.
[69491]:في م: في.
[69492]:زيد من ظ و م.
[69493]:زيد من ظ و م.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَذَرۡنِي وَٱلۡمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعۡمَةِ وَمَهِّلۡهُمۡ قَلِيلًا} (11)

{ وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا }

{ وذرني } اتركني { والمكذبين } عطف على المفعول معه والمعنى أنا كافيكهم وهم صناديد قريش { أُولي النعمة } التنعم { ومهلهم قليلاً } من الزمن فقتلوا بعد يسير منه ببدر .